دراساتصحيفة البعث

الحل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة

علي اليوسف

لا شك أن فيروس كورونا سيغير الكثير من سلوكيات صناع الاقتصاد العالمي، خاصة الدول التي اعتمدت على المشاريع الكبرى كونها المتضررة أكثر من غيرها. لهذا فإن الحل الأمثل هو في اللجوء إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل رافداً أساسياً لخدمة الاقتصاد القومي وزيادة الإنتاج وتنويعه، وبالفعل قبل الحجر الصحي الذي فرض على الكرة الأرضية، اتجهت العديد من الدول إلى الاهتمام بتهيئة المناخ المناسب لقيام ونمو مشروعات صغيرة ومتوسطة في شتى المجالات الصناعية والزراعية والخدمية والتسويقية، لذلك تعد تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة من أهم الدروس المستفادة لمرحلة ما بعد كورونا، كونها من أهم الأدوات الفاعلة في دفع عملية الإنتاج وتوظيف الأفراد، خاصةً أن هيكلها البسيط قادر على التأقلم مع البيئة المتغيرة أو التغيرات الاقتصادية والسياسية داخل وخارج البلد.

ولتكون المشاريع الصغيرة والمتوسطة داعماً أساسياً للتنمية الاقتصادية والتنوع الاقتصادي، من الضروري دعمها وتطويرها بصفتها أكثر قدرة على رفع مستوى المشاركة الشعبية في الاقتصاد القومي، كما تعزز مكانة الدولة كمركز لريادة الأعمال وإيجاد شركات جديدة بأسواق الدولة مستقبلاً.

تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة:

تستلزم تنمية هذه المشاريع منح أصحاب المشاريع الصغيرة الحوافز اللازمة وتسهيلات ائتمانية وخفض رسوم الترخيص والانتفاع بالأراضي الممنوحة لأغراض صناعية أو زراعية من قبل أصحاب المشروعات والمنشآت، وتأهيل وتدريب موارد بشرية قادرة على التعامل مع سوق منافس خاضع لسلوك المستهلك، ووجود نظام مصرفي وقوانين مصرفية لمقابلة احتياجات أصحاب المشاريع الصغيرة، وتخصيص مساحات مناسبة في المعارض التي تشارك بها الدولة خارج القطر لعرض المنتجات الوطنية الخاصة بأصحاب تلك المشروعات، بالإضافة إلى وجود قانون يضم تسهيلات وامتيازات إضافية للمشاريع والمنشآت التي تتبنى البحث والتطوير والابتكار.

وكل ذلك يعتمد بالدرجة الأولى على البنية المعلوماتية والدراسات، لأنه نتيجة لنقص المعلومات والدراسات الخاصة بالصناعات الصغيرة والمتوسطة فلابد من الاهتمام بهذا المحور وضرورة كثافة استخدام تكنولوجيا المعلومات والدراسات، كما أن نجاح الصناعات الصغيرة والمتوسطة يتطلب وجود التمويل المناسب بسعر أقل فائدة ممكن ومع فترة سماح قصيرة وعلى مدة زمنية مناسبة، مع وضع مجموعة ضوابط ضرورية لإنجاح العملية التمويلية، وبالطبع كل ذلك يتطلب من الدولة أن يتم تزويد الصناعات الصغيرة والمتوسطة بمجموعة من الحزم التي تتوفر على مجموعة من الحوافز المالية والفنية وغيرها.

ونظراً للتطورات الهائلة والتغيرات السريعة في الاقتصاديات العالمية، وتأثير ذلك على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإنه يجب مراجعة ومعالجة تشريعات العمل والتشريعات الاجتماعية، وتعديل القوانين المرتبطة بما سبق من حوافز للصناعات الصغيرة والمتوسطة، ووضع قوانين جديدة تساعد على نهضتها.

المشكلات التي تواجه المشروعات الصغيرة

تتمثل أهم المشكلات التي تواجه المشروعات الصغيرة بضعف حجم القروض المقدمة للمشروعات الصغيرة من المصارف، وتركزها في قروض قصيرة الأجل، ما لا يتفق مع حاجات التمويل اللازمة لظروف المشروعات الصغيرة، ومغالاة المصارف في الضمانات المطلوبة لتمويل المشروعات الصغيرة التي لا تستطيع هذه المشروعات توفيرها، إضافة إلى ارتفاع معدل الفائدة الذي تطلبه هذه المصارف على القروض الممنوحة للمشروعات الصغيرة، وتعقيد الإجراءات اللازمة للحصول على التمويل اللازم، وتدخل مؤسسات التمويل وفرض الوصاية على المشروعات الصغيرة، ما يدفع بها للعزوف عن التعامل مع مؤسسات التمويل.

كما أن الركود الاقتصادي هو من أخطر العوامل التي تهدد كيان المشروعات الصغيرة، كما أن المشروعات الصغيرة تحتاج إلى رأس المال اللازم لتمويل نشاطها الإنتاجي وشراء الأصول الثابتة، ولاشك أن عدم توافر التمويل الكافي لتلبية هذه الاحتياجات يشكل عائقاً أمام انطلاقها وتطويرها وخروجها من دائرة النشاط الإنتاجي التقليدي إلى ارتياد الأنشطة الصناعية غير التقليدية.

عوامل نجاح تنمية المشروعات الصغيرة:

هناك مجموعة من العوامل الواجب توفرها في المشروعات الصغيرة، وهذه العوامل تشمل العوامل الشخصية الخاصة بمنظمي المشروع، ومجموع العوامل المتعلقة بالبيئة الداخلية للمشروع، وأخيراً مجموعة العوامل المتعلقة بالبيئة الخارجية والتي لابد من توفرها لضمان نجاح قطاع المشروعات الصغيرة، وهنا يتمثل دور الحكومة في توفير الظروف الجيدة لتنمية المشروعات القائمة وخلق مشروعات جديدة، وحتى يمكن توفير البيئة الصالحة والمتطلبات اللازمة لعمل المشروعات الصغيرة.

كما أن الدولة معنية بشكل أو بآخر بمد يد العون لهذه المشروعات من خلال تزويدها بالأموال اللازمة بفوائد (إن كان لها ضرورة) مخفضة وأقساط مريحة، وإنشاء جهة معينة كمصرف خاص لضمان استرداد هذه القروض، خاصة وأن مشكلة الضمانات هي الأعقد في الجانب المالي لهذه المشروعات.