“التهريب المقنّع” يسيطر على 70% من إجمالي التهريب بدعم المخلص الجمركي!
دمشق – ريم ربيع
حوّلت التعاميم الكثيرة والمتشعّبة المتعلّقة بالاستيراد والتصدير مرحلة التخليص الجمركي إلى دوامة، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، إذ يجهل التاجر والصناعي والمستورد الخطوات المترتبة عليه في التخليص الجمركي، وقد يجهلها المخلص نفسه أو يغفل عن جزء منها في بعض الأحيان، نظراً للمستجدات اليومية في القرارات والتعاميم، وفي حين شدّد خازن غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق على ضرورة استقرار التشريعات في هذا المجال، غير أن الواقع يوحي بصعوبة تحقيق هذا المطلب في ظل التخبّط الاقتصادي، وهنا يبقى أضعف الإيمان تنظيم هذه القرارات وجمعها وإطلاع المستورد والمصدّر عليها.
ومع تشابك المهام وعشوائيتها تحوّلت مهنة المخلص الجمركي إلى المجال الأوسع للفساد والتهريب بشهادة عاملي المهنة أنفسهم، إذ بيّن رئيس جمعية المخلصين الجمركيين إبراهيم شطاحي في مداخلة له خلال ندوة الأربعاء التجاري أن هذه المهنة دمّرت اقتصاد البلد، وجعلت 70% من التهريب اليوم “تهريباً مقنّعاً” أي بموجب بيانات جمركية، إذ تحوّل بعض العاملين بالتخليص إلى أساس التهريب وطريقه الأسهل. ورغم اعتراض البعض على توصيفاته، أصرّ شطاحي على الفساد الهائل الذي ينهش هذه المهنة، مكتفياً بالصمت والابتسامة لدى سؤاله عن موقف الجمعية ودورها بالحدّ من هذا الفساد، فيما وصّف – بدوره – مدير شركة حكمية للتخليص الجمركي غيفارا حكمية بعض الفاسدين من المخلصين الجمركيين بـ “زعران البلد”!.
وأكد حكمية أن المواد التي يفترض أنها معفاة من الرسوم الجمركية تصل رسومها في الواقع إلى 80 مليون ليرة فأكثر! فيما رأى الحلاق أن ارتفاع الرسوم الجمركية بشكل كبير هو أحد أهم أسباب زيادة التهريب، لأن البعض يدفع رسوماً تفوق كلفة التهريب فيلجأ للطريقة الأقل كلفة مما يتسبّب بمنعكسات سيئة جداً وسحب إيرادات الخزينة والتسبّب بتشوه في المنتج، فالرسوم اليوم باتت الشغل الشاغل للمستورد والتاجر والصناعي، فضلاً عن تحديد مواد قليلة يسمح باستيرادها وجعل التهريب الوسيلة الوحيدة لتأمين ما تبقى من المواد، مشيراً إلى أن الغرفة دائماً تطالب بفتح باب الاستيراد للتجار والمستوردين، على عكس غرف الصناعة التي تطالب بتقييد الاستيراد قدر الإمكان. ومن وجهة نظر الحلاق، الذي يمثّل بدوره رأي التجار، فإن الحدّ من استيراد مادة ما يمكن تحقيقه برفع رسوم استيرادها دون منعه، بحيث يمكن وجود المنتجات كلها في السوق وتلبية كافة الفئات وعبر معابر نظامية.
بدوره أكد مدير العلاقات العامة في شركة حكمية يزن زريق أن المجال الجمركي مجهول ويجب تعريف المستورد بكل تفاصيل العمل ومراحله، فغالباً ما تظهر إشكاليات في استكمال الملف الجمركي وكثيراً ما تكون الأوراق غير مستوفاة نظراً لكثرتها، مؤكداً على ضرورة تحديد الأوراق المطلوبة مسبقاً ووجود نشرات جاهزة تتضمن التعديلات والتحديثات، وتكون دليلاً للمستورد والمصدّر، وهنا الدور برأيه لوزارة الاقتصاد بحيث تقدّم نسخاً محدثة دورياً. وتعليقاً على الإشكالية بين التاجر والصناعي بمسألة الاستيراد، أكد زريق على ضرورة إيجاد صيغة مشتركة كون التناقض هذا كثيراً ما يتسبّب بإشكالات في العمل.
وقدّم زريق مجموعة من المقترحات لتطوير العمل الجمركي بدايةً بتعديل قانون الجمارك الأشبه بالـ “طلاسم” ويفتح مجالاً للغموض واللبس، إضافة إلى تشديد عقوبات جرائم التهريب، وإنهاء العمل بمنطق الضرائب المتعددة وجمعها في ضريبة واحدة، وتطبيق الأتمتة في كل مراحل التخليص، بحيث يكون أقل تعديلاً وأكثر فاعليةً. وطالب زريق اتحاد غرف التجارة بفتح مكتب باللاذقية لتصديق الفواتير وشهادات المنشأ بدلاً من إرسالها إلى دمشق وحلب.