الشهيد يوسف العظمة.. مؤسس الفعل المقاوم ضد المحتل
كانت معركة ميسلون محاولة من أبطال عرفوا أنهم لن يستطيعوا الانتصار، لكنهم أرادوا أن يبرهنوا للعالم أجمع أن جيوش فرنسا الاستعمارية في 24 تموز 1920 لم تغز أرضاً بلا شعب، بل كانت تغزو بلداً مستقلاً لا يرضى أن يسلّم أرضه، وأٔنه دفع الثمن غالياً من دماء أبنائه، وبمناسبة مرور مئة عام على معركة ميسلون، أقام فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب ندوة بعنوان: “الشهيد يوسف العظمة.. مؤسس الفعل المقاوم ضد المحتل”.
مقدمات المعركة
قدم د. يوسف نعيسة عرضاً تاريخياً جغرافياً للمنطقة، مبيّناً فيه أهم الأحداث التي كانت سائدة في المنطقة، حتى تكليف الملك فيصل ليوسف العظمة بتأسيس جيش سوري، وتوجيه غورو إنذاره للحكومة السورية، ثم خوض معركة ميسلون التي أسفرت عن استشهاد البطل يوسف العظمة. وكانت بداية العرض مع مؤتمر فرساي الذي قرر في 30 شباط 1919 فصل البلاد العربية عن الدولة العثمانية واستقلالها، وفي 21 آذار تم إرسال لجنة لاستفتاء سكان سورية، أو معرفة رغبتهم، ومعرفة نوع الحكومة التي يريدونها، وغيرها من القرارات. زارت اللجنة دمشق، واستقبلت بشكل جيد، وكانت نتيجة الاستفتاء أن مطالب الناس بالاستقلال، وبحكومة ملكية، ورفضوا تجزئة البلاد، فروّعت الفرنسيين نتائج الاستفتاء، واتهموا الانكليز بأنهم وراء ذلك.
في 7 آذار 1920 اجتمع المؤتمر، وتم إعلان استقلال سورية بحدودها الطبيعية، ورفض المستعمرون إعلان المؤتمر السوري، وتم تشكيل حكومة الدفاع الوطني، فكان يوسف العظمة وزيراً للحربية فيها، وهاشم الأتاسي رئيساً للحكومة.
حدث الصدام بين الفرنسيين والأتراك في شمال سورية، فأرسلت فرنسا إنذاراً تضمن: وضع سكة حديد ريف حلب تحت تصرف الجيش الفرنسي، قبول الانتداب الفرنسي، إنهاء التجنيد الإجباري، تسريح الجيش والمجندين، قبول الأوراق النقدية التي أصدرها البنك السوري، ولم تكن المعركة متكافئة من الناحية العسكرية، حيث كان الجيش السوري مكوّناً من ثلاث فرق، عدد الرجال فيه 2300، غالبيتهم من المجندين، خيالة وهجانة ورجال قبائل ومشاة ومدافع، وكان من أبرز الضباط: حسن تحسين الفقير، أما القوات المعادية الفرنسية فتفوّقت عدداً وعدة: مشاة مدفعية، هندسة، نقل سيارات، رشاشات، 3 أسراب طيران للقصف والاستطلاع، وبذلك تم إنهاء حكم فيصل، وبدأ تطبيق الانتداب الفرنسي، وفرضوا على الشعب السوري دفع 200 ألف ليرة ذهبية غرامة حرب، ونزع سلاح الجيش السوري وتسليمه لفرنسا.
من ميسلون إلى الجلاء
في ذكرى ميسلون المئوية التي مهدت لثقافة المقاومة والإرادة الشعبية التي ترفض الهوان، ولأنها من أهم معارك التاريخ الحديث، أكد غسان كلاس على ضرورة العودة إلى الوثائق التي دوّنت هذه المعركة، وتوثيق وقائعها وأحداثها، وسرد أسماء الشهداء الأبرار، بالإضافة إلى ترجمة ما كتب عن هذه الفترة لكشف المعاناة التي عاشتها الأمة العربية في ظل الاستعمارين العثماني والفرنسي، ووجوب إصدار موسوعة “من ميسلون إلى الجلاء” لتوثيق وقفة العز والكبرياء في ميسلون، والثورات المتعاقبة المناهضة للمستعمر الفرنسي.
تاريخ مشوّه
على الرغم من أن معركة ميسلون تعتبر من المعارك المهمة في التاريخ الحديث، والمعروفة بمجريات أحداثها، إلا أن الباحث زهير ناجي يرى أن جميع الكتب والدراسات والوثائق التي تداولتها لم تدرسها بشكل دقيق، فجميع أحداث المعركة المدوّنة مسيّسة، أو هي كتبت كما يريد الكاتب أن تكتب، وليس كما هي في الواقع، وهي كتابات يجب مراجعتها تاريخياً ووثائقياَ لأنها تفتقد إلى الدقة العلمية والتاريخية، وتغطي على خيانات العديد من القادة، ومنهم الملك فيصل، فهي معركة مقرر لها الهزيمة سلفاً.. لقد أدرك يوسف العظمة لعبة فيصل الذي استسلم لإنذار فرنسا، والكتابات التي تحدثت عن المعركة شوّهت التاريخ لتبرر خيانة البعض، فخطابات يوسف العظمة كانت ومازالت مليئة بالمقاومة والنضال.
علا أحمد