“كيف تكسب ثروتك – التنمية البشرية”.. السرد المبرمج و المحرّض
“إذا كنت محبطاً فأنت تعيش في الماضي، وإذ كنت قلقاً فأنت تعيش في المستقبل، أما إذا كنت في حالة سلام فأنت تعيش في الحاضر، الوجود في الحاضر هو السبيل للاتصال بالطاقة الكلية، وهذا أول مفاتيح التحكم ببوصلة حياتك” هذا المبدأ دعا إليه د. هاجار رستم عبد الفتاح في كتابه”كيف تكسب ثروتك- التنمية البشرية” الصادر عن دار نيرفانا.
يعزز هذا الكتاب الطاقة والتنمية والخيال والمشاعر وينتمي إلى سلسلة كتب التنمية البشرية، العلم الذي بات كثيرون يدركون أهميته بتجاوز الصعاب وتحقيق الأهداف والتحكم بالذات، لكن في الوقت نفسه مازال كثيرون أيضاً يعتقدون أنه تنظير، وبرأيي درجة التفاعل مع هذه الكتب يتبع لسمات الشخصية وتركيبها النفسي.
يُعنى الكتاب بتعزيز الثقة بالنفس من خلال كل الأساليب والمحاولات، ولم يكتف الكاتب بالسرد المبوب والتحليلات فقط، إذ دعمَ آراءَه واستنتاجاته بالرسومات التعبيرية والعناوين الفرعية، وما يشد القارئ هو السرد المعنوي الذي أبعد سمة التنظير، وربما للقراءة الأولى لايقتنع القارئ إلا إنه بعد دقائق يجد نفسه يفكر بالخطوات التي طرحها د.عبد الفتاح، ويبدأ من اكتشاف الموهبة الذاتية والعمل على صقلها وممارستها وإنجازها، وركز على قوة الشخص تجاه الموهبة التي يملكها وعدم الإصغاء إلى أقوال الآخرين والإيمان بأن “لكل شخص لمساته الخاصة في التعبير والتمييز في موهبته” ليسأل القارئ من تكون؟ وهل أنت مرتبط بالطاقة الكلية المتحكمة بمفاصل الحياة؟ ويطرح سؤالاً أكثر دقة “هل تراقب شخصك مراقبة دقيقة وخاصة ما يجري معك من أحداث لم تتوقع حصولها معك؟ ويشرح أكثر بتحليل مثال نعيشه “عندما تفكر في شيء أو بشخص ما، فبعد ساعات أو فترة تصادفه أمامك وتستغرب من ذلك وتسأل كيف حصل ذلك؟ ويرى الكاتب أن هذا يعود إلى الطاقة التي هي حركة اهتزازية وفق تردد معين، والشخص أيضاً حركة اهتزازية وفق تردد معين ضمن الحركة الاهتزازية الكلية، وحسب قانون التجاذب فإن تشابه الترددات بين الأشخاص يجعلها تتقارب من بعضها البعض، ويتابع بأنه بالأفكار القيمة والمبادئ السامية ترتفع الحركة الاهتزازية وترتفع الترددات، وبالأفكار السيئة والسلبية ينخفض مستوى الترددات.
الأمر الآخر الذي تناوله الكاتب هو التغيير وامتلاك الجرأة على ذلك، فيتوقف عند الشريحة الكبرى من الناس الذين يملكون قدرات وطاقات للعيش الأفضل، لكنهم سلكوا الطريق السهل الخالي من الصعوبات، فهؤلاء جمدوا كل ما يملكونه من قدرات وإمكانات، وهم بعيدون عن الإبداع، ويرتبط التغيير بالرغبة وبإيجاد الحلول المناسبة للتغيير ليصل إلى الخوف من العودة ومن المضي بطريق جديد خوفاً من النتيجة، لكن الكاتب من خلال السرد المبرمج يشجع القارئ على التغيير وإيجاد البديل الأفضل بدراسة كل شخص قدراته والبحث عن الفرصة الحقيقية.
المرشد الداخلي
ويمضي السرد مع تعزيز الثقة بالنفس التي هي مفتاح النجاح، فثقة الفرد بذاته وبقدراته الفكرية تمكّنه من التمييز بين ما هو مفيد وغير مفيد بلغة البحث والاستنتاج من قبل مصطلح جميل أطلقه الكاتب”مرشدك الداخلي” والمقصود هو المكنون الداخلي.
ركز د. عبد الفتاح على الخيال الذي وصفه بالمفتاح الذهني إذا أحسن الشخص استخدامه باختيار الصورة العقلية التي تساعد على تحقيق الأهداف في الحياة، وبربط الخيال بالمبادرة “يجب أن يكون الخيال والمبادرة متلازمين” لأنه دون المبادرة يتحول الخيال إلى وهم، والابتعاد عن تغذية الخيال بأفكار غير جيدة وسلبية عن طريق العقل الواعي، وتطرق إلى حرية الاختيار بالتوازن بين القدرات الفكرية الفطرية الأربع” الرؤية –الانضباط-الشغف- الضمير”.
ومن الأفكار الإيجابية التي دعا إليها الكاتب التخلص من الإحساس السيئ الذي يقلل من شأن الذات والمسامحة الذاتية لأن الإحساس بالذنب وانتقاد الذات غير صحي على الإطلاق، ويعد هذا الإحساس من أكبر القوى الهدامة في حياة الإنسان”عليك بمسامحة نفسك”
وفي نهاية الكتاب نصل إلى مبتغى الكاتب من الكتاب وتحليل العنوان”اكسب ثروتك” ليوضح مفهوم الثروة التي تتنوع” مادية –صحية- أخلاقية- روحية- إنسانية”وتمتد لمجموعة من الأساسيات الهامة في حياتنا مثل المعرفة والصدقة والاجتهاد.
وحتى يحافظ الشخص على ثروته بكل أنواعها وامتداداتها عليه بالابتعاد عن التفكير السلبي الذي يسبب الألم ويعيق التفكير في إيجاد الحلول وتحقيق الطموح مثل الإحساس بعدم التقدير من قبل أحد، وبالإحباط والوحدة والخوف والملل، ويؤكد الكاتب على ضرورة التخلص من التفكير السلبي واستبداله بالتفكير الإيجابي، وعدم تأجيل الأمور التي نريدها لأن التأجيل شكل من أشكال تخريب الذات، ويتحول إلى عادة مع مرور الزمن، ومن ثم القناعة بالتغيير، ليختم الكتاب بنتيجة “عش الحياة كما تريد أن تعيشها، لا كما يجب أن تعيشها، فإنك تستحق أن تستمتع لا أن تتألم”
ملده شويكاني