هل تلحظ الحكومة المرتقبة نقاط ارتكاز تحسين الوضع المعيشي؟
حسن النابلسي
يعوّل السوريون اليوم على الولوج إلى مرحلة جديدة من المتوقع أن تشهد تغييرات كبيرة على صعيد السلطة التنفيذية، خاصة إذا ما علمنا أن الحكومة الحالية باتت قاب قوسين أو أدنى من الاستقالة بعد إعلان نتائج انتخابات الدور التشريعي الثالث لمجلس الشعب، إذ من المتوقع أن تفضي هذه التغييرات إلى اعتماد سياسات اقتصادية تلحظ تحسين الوضع المعيشي بالدرجة الأولى، من خلال الاشتغال على تسريع عجلة الإنتاج، واستقرار سعر الصرف، ومعالجة الفوضى العامة للأسواق..!.
نقاط ارتكاز
يقودنا الحديث – على وقع التغيير المنتظر – إلى طرح نقاط ارتكاز نعتقد أنه يستوجب أخذها بعين الاعتبار، أولها أن يضع الفريق الحكومي نصب عينه القطاع الزراعي كحامل أساسي للتنمية والأمن الغذائي، والعمل على ترميم ما أصاب هذا القطاع من تآكل ناجم سواء عن الظروف الموضوعية المتعلقة بالعقوبات والتذبذب الحاد لسعر الصرف، أم عن نظيراتها الذاتية ذات الصلة بالإدارات الزراعية وسوء تدبيرها وتعاطيها مع قطاع يزيد من عدد الأوراق الرابحة بيد الدولة في حال ازدهاره، ويجنبها الضغوط الاقتصادية من خلال تعزيز اعتمادها على ذاتها.
النقطة الثانية المتوجب العمل عليها تتمثل بتعزيز تواجد المشروعات الصغيرة والمتوسطة على مساحة الجغرافيا السورية، ولاسيما إذا ما علمنا أن قوام كبرى اقتصادات العالم هو هذا النوع من المشروعات، فنسبة الأخير من الاقتصاد الياباني على سبيل المثال لا الحصر تشكل أكثر من 90%، كما أن هناك ارتباطا وثيقاً بين هذه النقطة وسابقتها، تمهد السبيل للعمل على النقطة الثالثة وهي تكريس العناقيد الصناعية الغذائية كمكون اقتصادي يوفر المزيد من فرص العمل من جهة، واكتمال دائرة الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي من جهة ثانية!
خطوط رئيسة
لعل النقاط الثلاث هذه تشكل الخطوط الرئيسة لتحسين الواقع المعيشي عبر تأمين الغذاء المنتج محلياً، وتوفير فرص عمل، مع الإشارة إلى وجود العديد من المقومات المساعدة على ذلك، يتصدرها التنوع المناخي وانعكاسه على الإنتاج الزراعي كماً ونوعاً وتنوعاً، إضافة إلى اليد العاملة الخبيرة، والأهم أن ثمة شهادة قدمها تقرير السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار الصادر عن الهيئة العليا للبحث العلمي مفادها أن هناك تحقيق مستوى جيد من الأمن الغذائي مع وجود كميات متاحة من محاصيل القمح والبقوليات الغذائية الحمص والعدسة إلى جانب الخضروات المختلفة وخاصة البطاطا والبندورة، ومختلف أنواع الفاكهة، ما يستدعي بالضرورة تعزيز إنتاج هذه المحاصيل.
مقترحات مستخلصة
بالمقابل لم يخف التقرير أن سورية ما تزال تعاني من نقص في بعض المنتجات الغذائية ولذلك تستورد بعض السلع الرئيسة الأخرى مثل السكر وبعض الزيوت السائلة إضافة إلى استيراد كميات كبيرة من الأعلاف كالشعير والذرة الصفراء وبخاصة في السنين العجاف، ما حدى بالمنظومة الوطنية للبحث العلمي إلى استخلاص جملة من المقترحات العامة لتطوير قطاع الزراعة أبرزها تشجيع البحوث في مجال البيئة الزراعية والصناعات الزراعية الغذائية، وزيادة الإنتاجية الرأسية لكافة المحاصيل الزراعية باستخدام حزمة متكاملة من المدخلات، إضافة إلى تطوير منظومة عمل الإرشاد الزراعي وتعزيز التنسيق مع البحوث والتعليم وتأهيل المرشدين لتمكينهم من تنفيذ البرامج الإرشادية المتخصصة ونقلها إلى المنتجين. مع التركيز على الخدمات المساندة للإنتاج والقيام بالبحوث الزراعية اللازمة لإنتاج الأصول النباتية والعروق الحيوانية الجيدة والبدائل المطلوبة وتوزيعها على الفلاحين.