قبل وبعد كورونا
لا شك أن حالة الركود وتراجع مؤشر العرض والطلب في الأسواق، تحديداً خلال هذه الأيام التي تسبق عيد الأضحى المبارك، تبدو منطقية وواقعية، ويندرج ذلك ضمن خانة ضيق، بل انعدام الخيارات، أمام مختلف شرائح المجتمع في مواجهة موجة الغلاء المستعر، ما يؤكد ثبات نظرية انعدام التوازن بين الدخل وما تتطلبه الاحتياجات والمتطلبات اليومية في الأحوال العادية، فكيف الحال إذا كانت المناسبة هي الاحتفال بالعيد، وما تتطلبه هذه المناسبة السعيدة من ألبسة جديدة، ومن تحضير للأطعمة والحلويات، وغيرها من متتمات اكتمال فرحة العيد.
هذا الهاجس المقلق جعل العيد ضيفاً ثقيلاً على الأسرة السورية عموماً، نظراً لتكلفته الباهظة التي لا تتناسب قطعاً مع الدخل والمردود الذي وصل إلى حده الأدنى، في وقت تتضاعف الأعباء المعيشية اليومية، وتزداد الأسعار جنوناً والتهاباً مع كل يوم جديد.
ما يزيد الطين بلة أن حالة “التطنيش” مازالت مسيطرة على مديرية حماية المستهلك في حلب التي تبدو عاجزة تماماً عن ضبط حركة السوق ولجم ظاهرة الجشع والاستغلال والابتزاز والاحتكار، بالرغم من التحسن الملحوظ في القيمة الشرائية لليرة السورية، وهو ما يفسر حقيقة التمادي غير المقبول لتجار الأزمات، واتساع دائرة التجاوزات والمخالفات التي بلغت حداً صادماً لم يعد مقبولاً ومسموحاً به في ضوء ما يعانيه المواطن من ضنك وقلة حيلة.
وهنا نتساءل عن دور مجلس المحافظة المغيّب أيضاً، والمفترض أن يكون فاعلاً وعلى قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، عبر القيام بمهامه على أكمل وجه، والسعي الحثيث والجاد لفرض إيقاعات عمل جديدة – حركة نشطة – تدعم استقرار السوق، وانتظام حالة العرض والطلب في حدود المنطق والمقبول، وبما تفرضه المتغيرات اليومية في سعر الصرف نزولاً وليس صعوداً فقط، بالإضافة إلى التعاطي الحازم كجهة رقابية ومسؤولة مع كل حالات الشطط الحاصلة، فالمسألة لا ترتبط في عدد الضبوط المسجلة التي تتفاخر بها حماية المستهلك، وإنما بجدوى الإجراءات والتدابير المتخذة الناظمة لحركة السوق، وبما يحقق العدالة المفقودة التي يدفع ضريبتها المواطن.
مختزل القول: حلب مازالت تفتقد إلى التشاركية الناجزة في العمل المؤسساتي، وبالتالي مازالت الحلقة مفقودة بين المواطن والمسؤول، والمسافة بينهما في تباعد متزايد ومستمر.. قبل وبعد فيروس كورونا.
معن الغادري