أردوغان يضيّق الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي
منذ محاولة الانقلاب عام 2016 والنظام التركي يقضم تدريجياً فضاء حرية التعبير حتى إنهاءها بشكل مطلق، وفي هذا الصدد، اعتمد برلمان أردوغان مشروع قانون يوسع رقابة السلطات على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك استجابة لغضب أردوغان من منصّات التواصل الاجتماعي، وخاصة بعد التغريدة التي نشرها صهره وزير المالية بيرات البيرق بقدوم مولوده الرابع مطلع هذا الشهر، والتي قوبلت بتعليقات ساخرة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
ويرغم هذا القانون أبرز شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك على أن يكون لها ممثل في تركيا والانصياع لأوامر محاكم النظام التركي التي تطلب سحب مضمون ما، تحت طائلة التعرض لغرامة مالية كبرى.
ووفقاً للقانون، سيتعين على الشبكات التي يتردّد عليها أكثر من مليون مستخدم يومياً في تركيا، تعيين ممثل قانوني في البلاد، وسيؤدي عدم تعيين ممثل، والذي يجب أن يكون مواطناً تركياً، إلى فرض غرامات وتقليل عرض النطاق الترددي للمنصة تدريجياً، مما يجعلها غير قابلة للاستخدام.
كما يتعين على تلك المنصات تخزين بيانات مستخدميها من تركيا في البلاد، مما يجعل من السهل لممثلي الادّعاء والسلطات الأخرى الوصول إليها، وهو ما قال مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان: “إنّه يقوّض حقّ المواطنين في التواصل دون كشف هوياتهم”.
وبحسب ادعاءات حزب أردوغان “العدالة والتنمية”، فإنّ هذا القانون يهدف إلى “وقف الإهانات على الإنترنت”.
وندّدت المعارضة التركية، بالإضافة إلى منظمات حقوقية، عدة بهذا القانون، معتبرةً إياه انتهاكاً لحرية التعبير عبر الإنترنت وزيادة للرقابة على حرية الرأي في البلاد، كما أثارت تصريحات أردوغان قلق العديد من مستخدمي الإنترنت الذين استخدموا وسم “ارفع يدك عن شبكتي الاجتماعية” للتعبير عن غضبهم.
منظمات غير حكومية اتهمت أردوغان بالسعي إلى السيطرة على هذه الشبكات، حيث قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”: “إنّ شبكات التواصل الاجتماعي تمثل أهمية كبرى بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يستخدمونها للاطّلاع على المعلومات. وهذا القانون ينذر بفترة قاتمة للرقابة على الإنترنت”.
وحذّرت جماعات حقوقية وناشطون في مجال حرية التعبير من أن القانون “شديد القسوة” سيمنح الحكومة المزيد من السلطة لزيادة الرقابة على الإنترنت وحثت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “غوغل” على رفضه.
وكان مشروع القانون نوقش لأول مرة في نيسان الماضي، ثم ألغي تحت ضغط الأصوات المعارضة والشاجبة، إلا أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان جدد دعوته لمزيد من التنظيم عقب تداول تعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد ولادة حفيده من ابنته إسراء وزوجها وزير الخزانة والمالية “بيرات البيرق” أواخر حزيران الماضي وتعرضا فيها لهجوم غير مسبوق عبر “تويتر”.
ويعتقل نظام أردوغان بشكل روتيني أشخاصاً ويحاكمهم لانتقادهم النظام وسياساته على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع احتفاظ حزب أردوغان “العدالة والتنمية” وحليفه اليميني المتطرف، حزب الحركة القومية، بالأغلبية البرلمانية، تم إقرار القانون بسهولة.
والدليل الأقوى على مراقبة النظام التركي لكل ما ينشر على مواقع التواصل هو أن العديد من الدعاوى القضائية القائمة على أساس “إهانة رئيس الدولة” أو “الدعاية الإرهابية” تستند فقط إلى تغريدة واحدة أو بضع تغريدات.
وفي أحدث “تقرير للشفافية” أعدته تويتر كانت تركيا في النصف الأول من عام 2019 على رأس البلدان التي طلبت إزالة محتوى من الشبكة الاجتماعية مع أكثر من ستة آلاف طلب.
وفي سياق متصل بنهج نظام أردوغان القمعي، دعت “هيومن رايتس ووتش” إلى إجراء تحقيق في حالات تعذيب وسوء معاملة محتملة على أيدي قوات الأمن في إسطنبول وجنوب شرق البلاد.
وجاء في تقرير للمنظمة: “هناك أدلة موثوقة تظهر أن الشرطة وقوات الأمن في أحياء تركية قد ارتكبت انتهاكات خطيرة ضد 14 شخصاً على الأقل في ستة حوادث في ديار بكر (جنوب شرق) وإسطنبول خلال الشهرين الماضيين”.
وكان برلمان النظام التركي قد أقر في حزيران مشروع قانون مثيراً للجدل يعزز إلى حد كبير صلاحيات ميليشيات “حراس الأحياء” الذين يقومون بدوريات ليلية للإبلاغ عن سرقات وحالات إخلال بالنظام العام، الصلاحيات نفسها التي يتمتع بها رجال الشرطة، بما في ذلك حيازة واستخدام أسلحة نارية.
ولفتت المنظمة في تقريرها إلى أنها راجعت وثائق قانونية وطبية تتعلق بالحالات المبلغ عنها وأجرت مقابلات مع الشهود والضحايا ومحاميهم وعائلاتهم رغم النفي التركي عمليات الانتهاك في أربع حالات دون إجراء تحقيق.
وفي حالتين من الحالات التي أبلغت عنها المنظمة، ورد أن الشرطة دخلت المنازل وحرضت كلابها على مهاجمة الضحايا، الذين حملوا آثار عض على أجسادهم.