الانفجارات الاجتماعية بعد كورونا
إعداد: هيفاء علي
نشرت الشركة البريطانية “فيريسك مابل كروفت” المتخصصة في إدارة المخاطر تقريراً صادماً حددت فيه 37 دولة حول العالم على أنها مهددة من جراء الصراعات الاجتماعية، واستمرار الأزمة الاقتصادية الكارثية التي ولّدها وباء كورونا، وجاء في التقرير: “مع تزايد الشعور بالتداعيات الاقتصادية للوباء، من المتوقع أن تتزايد صفوف المتظاهرين في جميع أنحاء العالم، بما يتجاوز الأرقام التي لوحظت في عام 2019، وأن تؤثر الاضطرابات الاجتماعية في العديد من الأسواق الناشئة والحدود “.
ووفقاً للتوقعات، سوف تواجه 37 دولة ذروة كبيرة من الاضطرابات في النصف الثاني من هذا العام، مدفوعة بانتعاش اقتصادي مؤلم بعد الوباء سيزيد من سخط السكان على الحكومات.
ربما تقع هذه الانفجارات الاجتماعية بشكل أساسي في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعلى وجه التحديد جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأثيوبيا، وبيرو، وفنزويلا، وبنغلاديش، وتركيا.
لقد قامت الشركة البريطانية بحساب نسبة المخاطر لديها ببيانات أساسية، وهي مستويات المخاطر الاجتماعية الموجودة بالفعل قبل “الوباء”، وقدرة البلدان على الانتعاش اقتصادياً، أو بالنسبة إلى معدل التعافي.
كما اعتمدت الشركة في احتساب هذا المعدل على عوامل عديدة مثل قوة مؤسسات الدولة، والاتصال الرقمي، والديناميكية الاقتصادية، وحساسية السكان، وخطر الكوارث الطبيعية أو الهجمات الإرهابية.
يشير التقرير على وجه الخصوص إلى المخاطر الموجودة في العديد من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث من المتوقع أن يعمل سياق “التدهور الاقتصادي”، و”الفقر”، و”عدم القدرة على ضمان إمدادات الغذاء الكافي على زيادة خطر الأحداث”.
سيكون الجانب الأمريكي، بالإضافة إلى العديد من دول أمريكا اللاتينية، وخاصة فنزويلا، في قبضة أزمة اقتصادية كارثية بعد أن ألقت الملايين من المواطنين في فقر مدقع، وهنا تشير الشركة إلى أنه ينبغي على الولايات المتحدة مواجهة اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق، فالتوقعات سلبية بالنسبة للولايات المتحدة التي تحتل الآن المرتبة 48 بين أكثر الدول خطورة في العالم للاضطرابات الاجتماعية بعد تسجيل ثاني أكبر انخفاض بين الربعين الثاني والثالث من عام 2020، خاصة مع استمرار الاحتجاجات على خلفية التمييز العنصري المدفوعة في المقام الأول بالمظالم حول عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية النظامية، ووحشية الشرطة، والإحباط من فقدان الوظائف، وعدم وجود استجابة متماسكة للوباء من قبل ترامب، ما سيحفز المتظاهرين أكثر فأكثر.
ولكن، المثير للاستغراب أنه لا توجد دولة في الاتحاد الأوروبي مدرجة على قائمة الدول الأكثر عرضة للخطر التي يبلغ عددها 37 دولة، والتي اختارتها الشركة، بل إن التقرير تجاهل الإعلان بأن أوروبا كانت على وشك الانفجار الاجتماعي، حتى لو بدا السياق الاجتماعي متفجراً في العديد من البلدان الأوروبية، وخاصة فرنسا بسبب الحركات المتعددة التي تعارض الرئاسة، وأزمة الوباء، وسيكون الوضع أسوأ بكثير في مكان آخر.
التقرير الصادر عن الشركة لم يتطرق إلى فرنسا والدول الأوروبية الأخرى لسببين: تعرّض باريس لانتقادات شديدة بسبب تعاملها مع الفيروس التاجي، لكن نظام المشافي صمد فيما استمرت الدولة بالعمل، مثلما هو الحال في ألمانيا وايطاليا، أو في أي مكان آخر في الاتحاد الأوروبي، والثاني: من المسلّم به أن فرنسا ودولاً أوروبية أخرى في وضع اجتماعي معقد، ولكن، كل شيء نسبي، والأمر ليس كما هو الحال في لبنان.