الكورونا والغلاء يخطفان أضواء العيد وأضحياته!!
دمشق – ريم ربيع
تحوّلت تحضيرات السوريين المصحوبة بالكثير من الصخب لاستقبال الأعياد إلى حكايات تبدأ بـ”كان يا ما كان” وتنتهي بـ “سالف العصر والأوان”، إلا أنها هذه المرة لا تقتصر على سورية وحسب، بل استحوذ تفشي فيروس كورونا على أية فرصة لانتشار مظاهر العيد في جميع دول العالم، إذ تجاوز عدد الإصابات عالمياً 16.5 مليون إصابة، وفي سورية يقترب العدد “المعلن رسمياً” بخطا متسارعة من الـ 1000 إصابة، مع تأكيدات من أطباء بأن الإصابات تجاوزت هذا الرقم بكثير، مما حوّل أي مظهر للاحتفال إلى عامل خوف مع ملاحظة تزايد ولو بسيط في الإجراءات الفردية للوقاية من الفيروس بعد الانتشار الحاصل.
وبعيداً عن الحرص الصحي فلا مكان لإجراء أيّ من التحضيرات المعتادة لعيد الأضحى في ظل الضائقة المادية الخانقة التي طالت الغني والفقير في الأشهر الأخيرة، وجعلت أقصى الطموح تأمين الطعام والشراب فقط، حتى أن هناك توقعات بانخفاض كبير في عدد الأضاحي لهذا العام، فلم يبقَ لذوي الدخل المحدود ما يضحون به بعد أن وصل ثمن الخروف في بعض المناطق إلى 400 – 500 ألف ليرة، ووصل ثمن العجل إلى 2- 2.5 مليون ليرة، ليبقى الأمر رهن الجمعيات الخيرية والمغتربين وما يرسلونه لعائلاتهم من حوالات.
أما على صعيد المشتريات الاعتيادية فلم يسبق لأسواق دمشق أن شهدت مثل هذا الركود في فترة الأعياد، إذ يتبادر إلى الأذهان مشهد الاكتظاظ في أسواق الحميدية والصالحية والحمرا والشعلان التي كانت تستقبل الزبائن قبل أيام من حلول العيد حتى الصباح، غير أن الصورة اليوم تختلف كلياً، فالأسواق ليست كما اعتدنا رؤيتها، ومن يتجوّل فيها غالباً ما يكون فارغ اليدين بعد أن تحوّلت معظم المنتجات إلى كماليات، فالحلويات تجاوز ثمن الكيلو غرام الواحد من النوع الجيد فيها الـ30 ألف ليرة، وباتت معظم الأسر تعتمد على الحلويات المنزلية “إن أمكن”، كما سجلت سوق الألبسة ركوداً واضحاً لضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار بشكل كبير رغم التنزيلات “الوهمية في معظمها”!. حتى الزيارات العائلية تحوّلت إلى “همّ” لدى أغلب الفئات لما يرافقها من نفقات وتكاليف غير متوقعة، وزاد الطين بلة ارتفاع أجور النقل بين المحافظات، والذي شكّل عائقاً يحول دون السفر، إذ تسجّل تكلفة سفر عائلة مكونة من 4 أشخاص ما لا يقلّ عن 30 ألف ليرة للمواصلات فقط دون التكاليف الأخرى!.
من جهةٍ أخرى، أرخى كلّ من الخوف والغلاء بثقلهما على الحركة السياحية التي كانت تشهد في مثل هذا الموسم ذروة نشاطها، حيث انخفض عدد الحجوزات الفندقية في بعض المناطق، وشكّل انتشار قناديل البحر على الشواطئ عاملاً إضافياً لتجنّب حجوزات الشاليهات في الوقت الحالي، كما تراجع عدد مرتادي المطاعم والمنشآت السياحية بشكل واضح، وهو أمر مُلاحظ منذ إعادة افتتاح المطاعم بعد الإغلاق المترافق مع الإجراءات الاحترازية. وبذلك لم يبقَ من شكل العيد سوى العطلة الطويلة التي سيقضيها أغلب السوريين في بيوتهم، ليس استجابةً طوعية لطلب الفريق الحكومي بذلك، بل لأنهم مجبرون على تحمّل الحرارة المرتفعة وانقطاع الكهرباء في ظل انعدام أي وسيلة للرفاهية والاحتفال.