عيد الأضحى.. حلويات “شم ولا تذوق” وطائرة ورقية بأجنحة متكسرة!
“عن أي عيد تتحدثون! وهل بقي في قلوبنا متّسع للفرح والبهجة؟ رحم الله أيام زمان لمّا كان العيد يجمعنا ويسعدنا، فالمواطن تعب كثيراً ولا ندري إلى متى يمكنه تحمّل هذا الواقع المؤلم وهذه الظروف الصعبة..!!”.
هذه الكلمات هي قاسم مشترك لغالبية السوريين من محدودي الدخل الذين لم يعد لديهم القدرة على تلبية وتأمين متطلبات العيد بسبب الغلاء الفاحش للأسعار، وانخفاض القيمة الشرائية لليرة بشكل واضح، فالألف ليرة “خرجية” للطفل لم تعد تشتري له سندويشة شاورما أو حتى فلافل، ولا طائرة ورقية باتت أجنحتها متكسرة غير قادرة على التحليق بيد طفل فقير حزين ينظر إلى واجهات المحال متحسراً!.
جولات تنتظر الكاميرات!
يحاول “أبو فراس”، أبٌ لخمسة أطفال، أن يقسّم راتبه البالغ 60 ألفاً “عيدية” على أطفاله، لعلّه يستطيع توفير بضعة آلاف ليدفع فاتورة جواله: “أشعر بالخجل أمام أبنائي لعجزي عن تلبية ما يحتاجونه في العيد”، متسائلاً: “هل يعقل أن تصبح أرجوحة العيد حلماً للأطفال؟ على المعنيين بالأمر التدخل السريع بشكل فعليّ على الأرض، وليس جولات تنتظر الكاميرات”.
الكورونا رحمة!
السيدة أم نوار ترى أن كورونا، رغم خطورته، جاء رحمة للآباء لإنقاذهم من متطلبات العيد، وتخليصهم من الإحراج أمام متطلبات الأبناء كالخروج إلى المطاعم ومدن الملاهي أو المسابح. وتساءلت: أين الرقابة الفعلية على أسعار الحلويات والألبسة والأحذية.. غير مقبول هذا “الفلتان السعري”، فقد بتنا محرجين أمام أطفالنا الذي لا يعلمون بحالنا.
لا حول.. ولا قوة
ويتأسف بدر الكردي على حال العيد: “كنا بعشر ليرات نلفّ وندور الشام وبمائة ليرة نأكل ما نشتهيه”، مضيفاً: “ليس أصعب من أن يحلّ العيد وأنت عاجز عن تلبية أبسط متطلباته”.
لا عيد عند الغالبية
برأي الإعلامي عبد العزيز محسن، رئيس تحرير موقع بانوراما سورية، أن غالبية السوريين سيكونون بعيدين عن أجواء العيد المعتادة، والسبب طبعاً – حسب محسن – هو الارتفاع الكبير في أسعار جميع احتياجات الأسرة، إضافة إلى المخاوف من عدوى فيروس كورونا، وهما سببان كافيان لمنع أي مظهر من مظاهر العيد، وتجعله بعيد المنال حتى عن الأطفال فلذات الأكباد.
ويضيف محسن: بات الهمّ المعيشي الهاجس الأكبر لرب الأسرة، ما جعله يعيد النظر وبشكل متكرر بقائمة الأولويات ويدفعه لإعادة توزيع مدخوله المالي أو ما تبقى من مدخراته – إن وجدت – لتمويل الحدّ الأدنى من احتياجاته الاستهلاكية الضرورية، فيلجأ إلى إسقاط وإلغاء بعض الأساسيات لمصلحة ما هو أهم وضروري أكثر، فلم تعد ألبسة العيد واحتياجاته موجودة في القائمة، وكذلك الأمر بالنسبة للمأكولات والحلويات، وبعد حذف لحمة العجل والخروف من قائمة العيد الماضي (عيد الفطر) تمّ في هذا العيد حذف مادة لحم الفروج، نظراً للارتفاع الكبير جداً في أسعاره التي تخطّت الأربعة آلاف ليرة للكيلو، وكذلك الأمر بالنسبة للحلويات التي باتت تشكل، التقليدية والبسيطة منها “المصنّعة منزلياً”، عبئاً على الأسرة نظراً لارتفاع أسعار مكوناتها من طحين وسكر وسمنة وزيوت.
واقع لا نستطيع تغييره
هذا الأمر المؤلم ينظر إليه المواطن كواقع مفروض عليه ولا يستطيع تغييره ويتقبله مرغماً، ولكن الأمر الآخر الذي يقلقه اليوم هو الانتشار المتزايد لفيروس كورونا، والذي يستدعي اتخاذ خطوات احترازية ذاتية ووقائية، ومن بينها إلغاء بعض التقاليد الاجتماعية كزيارات المعايدة بين الأهل والأقارب والأصدقاء، ومنع الأبناء من الخروج إلى الشارع والحدائق وممارسة الألعاب الخاصة بالعيد.. إلى آخره من مظاهر العيد!
مشكلة مزمنة؟
بالمختصر، مللنا من تصريحات ووعود وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي لم يكن لها أي أثر على واقع السوق وأسعارها الفلكية، ليكتفي مراقبوها بجولات استعراضية و”كبسات” أقرب ما تكون إلى الخلبية. ويبقى السؤال: هل انعدمت الحلول والإجراءات التي تضع حداً لجشع تجار السوق الذين يسرحون ويمرحون مستفيدين من “تسهيلات حكومية” دفع ضريبتها المواطن “الغلبان” الذي بات العيد عنده من الأيام الخوالي؟
غسان فطوم