احتكار “مشرعن”..!
تعيدنا حصرية بيع إنتاج المؤسسة العامة للتبغ لثلة من الوكلاء، إلى عصر “الريجي”، أيام الاحتلال الفرنسي لبلدنا، وحصر تسليم التبغ السوري لفرنسا للسيطرة على هذا المنتج ذي المواصفات الاستثنائية لتصنيع السجائر الفرنسية الفاخرة ذائعة الصيت التي حازت على سمعة عالمية حققت لمعاملهم رواجاً وأرباحاً طائلة..!
ربما يوحي إيقاف التراخيص لباعة المفرق منذ سنوات، وإحجام ما بقي من المرخصين السابقين بعد تقلص أعدادهم وتوجههم لاستجرار الدخان عن طريق الوكلاء الجدد (رؤساء الباعة) لضمان حصولهم على الدخان الأجنبي الذي يحتكره الوكلاء، بأن المؤسسة ليست بعيدة عن لعبة الاحتكار واصطفافها إلى جانب الوكلاء الكبار..!
ما سبق يطرح تساؤلات عدة لا تخلو من دلالات مريبة وإساءة مباشرة للثقة بالمؤسسات الوطنية، من قبيل: لمصلحة من “ارتهان” حصرية بيع منتجنا الوطني لعدد من الوكلاء؟
ولماذا يتم منحهم بطاقة رابحة 100%؟
ولماذا أطاحت مؤسسة التبغ بآلاف المرخصين من زبائنها “التاريخيين” الذين كانوا يؤمنون احتياجات الأسواق بيسر وسهولة دون عناء وبالسعر الرسمي وبنسب الربح المحددة…؟
قد نتفهم أن يكون هناك وكلاء لاستيراد الدخان الأجنبي، لكن أن يكون تسويق “كروز” الدخان الوطني بهذا الشكل السافر ، فأمر يثير الشكوك والريبة التي ترتقي حد اليقين في كثير من المطارح بوجود تفاهمات خفية حيكت خدمة لمصالح خفية…؟
وما لجأت إليه المؤسسة مؤخراً عبر بيعها علبتي سجائر لكل مستهلك من على أبوابها، وتحويل ذلك لاحقاً إلى منافذ “السورية للتجارة” تحت ضغط التزاحم الذي ينسف الإجراءات الاحترازية التي يوصي بها الفريق الحكومي للتصدي لفيروس كورونا، وتوزيع كميات محدودة لأنواع دون أخرى من السجائر لمن تبقى من المرخصين، لا يعدو أن يكون ذراً للرماد في العيون لا أكثر ولا أقل…!
بكل الأحوال، وطالما أن تجربة الوكلاء تحولت إلى عبء يضاف لأعباء الناس، وتسببت بحصول أزمات نحن بغنى عنها، فإننا ندعو للعودة إلى المرخصين وفتح باب الترخيص المغلق منذ سنوات إلى جانب منافذ “السورية للتجارة”، وتوفير السجائر الوطنية بأنواعها كافة، وجعلها بمتناول صغار المرخصين، تاركين لـ “رؤساء الباعة” أمر نظيرها المستورد، وتكليف مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك وشرطة المكافحة بمراقبة حركة الأسواق والمرخصين وضبطها تحت طائلة إلغاء الترخيص وغيرها من العقوبات.. وإلا ستظل اللعبة مستمرة، وسيبقى مشهد التزاحم والابتزاز قائماً، لمصلحة الكبار على حساب عمل الصغار..!
وائل علي