حتى تكتمل نكهة التغيير!
حسن النابلسي
ربما يفتقد التغيير الحكومي المرتقب نكهته إذا لم يترافق مع آخر موازٍ يطال مناصب، منها ما يُعرف بأنه خليط بين العمل الفني الإداري والاقتصادي، مثل “هيئة التخطيط والتعاون الدولي – الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش – الجهاز المركزي للرقابة المالية – مصرف سورية المركزي – هيئة الطاقة الذرية – الهيئة العليا للبحث العلمي.. إلخ)، ومنها ما يتعلّق بالشأن الخدمي المحلي من محافظين ومدراء عامين لم يكونوا على قدر المسؤولية!
وحديث الشارع حقيقة ينمّ عن تطلعات لمرحلة جديدة يعوّل على أن يكون قوامها التنمية الاستثمارية وانعكاس ذلك على تحسين الواقع المعيشي، خاصة وأن رواد المشهد الحكومي القادم ينتظرهم العديد من الملفات الشائكة والمتداخلة، يتصدّرها الهمّ المعيشي بلا منازع، يليه ملفا تفعيل الإنتاج واستقرار سعر الصرف، ذوا العلاقة التبادلية لجهة المعالجة، فاتخاذ أية خطوة لمعالجة أحد هذين الملفين ستنعكس بالضرورة على الآخر، ويفترض أيضاً أن ينعكس ما يتمخض عن علاقتهما التبادلية من حلول ومعالجة على الواقع المعيشي في نهاية المطاف.
هذه الملفات مرتبطة في الحقيقة بقضايا بعضها فني يتعلّق بصلب عمل كل وزارة، والآخر إداري يتعلق بكيفية تعاطي الوزير معها عبر برامج وآليات عمل مدروسة، مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة البدء من حيث انتهى الآخرون، وليس نسف كل ما فعله الآخرون والبدء من جديد، وتكون النتيجة “مراوحة بالمكان ليس إلا”!.
تركة ثقيلة تنتظر الحكومة القادمة (الهمّ المعيشي – تفعيل الإنتاج – استقرار سعر الصرف) لا يتحمّل مسؤوليتها الفريق الحكومي فحسب، بل أيضاً هناك الكثير من المفاصل التنفيذية تشاركه المسؤولية، إذ لم نلحظ – على سبيل المثال – مبادرة من أي محافظ للنهوض بالواقع الاستثماري والخدمي، حيث إن أغلبهم لا يزال يتذرّع بتداعيات الأزمة، وكأن محافظاتهم بلا مقومات يمكن توظيفها استثمارياً وخدمياً، فلو تناولنا محافظة ريف دمشق – على سبيل المثال لا الحصر – لوجدنا أنها تزخر بمقومات زراعية وصناعية، لم يتمّ الاشتغال عليها كما يجب، وهنا تقع على الوحدات الإدارية مسؤولية النهوض بها، وكذلك الأمر بالنسبة لمحافظة حلب ذات البعد الصناعي، والأمر نفسه ينطبق على محافظة حمص وباقي المحافظات!
إن المرحلة القادمة تستوجب التركيز على دعم الأسر السورية، عبر تفعيل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ونعتقد أن الدور الأهم في هذا الجانب يقع على عاتق الوحدات الإدارية ذات الصلة المباشرة بالمجتمع المحلي، فهي القادرة على مساعدة الجهات المركزية المعنية بالشأنين الاقتصادي والخدمي من خلال إعطائها أي تفصيل أو إحصاء حول واقع المشروعات الاقتصادية والخدمية، القائم منها والمطلوب إحداثها.
إذا لم يتمّ لحظ مثل هذه الحيثيات والعمل على تطويرها، فإن الوضع المعيشي والخدمي سيبقى أغلب الظن يراوح بالمكان، هذا إن لم يتقهقر!!.