لا للإبادة الجماعية للعرب في دير الزور
فايز طربوش
ترقى ممارسات ميليشيات ما يسمّى “الإدارة الذاتية” ضد أهالي منطقة الجزيرة السورية، الحسكة والرقة ودير الزور، إلى مستوى جرائم الحرب، وتصل إلى حد “إبادة جماعية” للسكان العرب، فالاغتيال المبرمج لشيوخ عشائر العكيدات، وقمع وقتل الأهالي الرافضين لأوامر ميليشيات “قسد” الانفصالية, وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وقطع طرق المواصلات، ومنع الناس من التواصل مع العالم الخارجي.. هي أشبه بتصرفات البرابرة والمغول وقطاع الطرق أكثر من كونها تصرفات تدل على سلوك متحضّر ورغبة في إرساء الاستقرار، وبمعنى آخر: إن تلك الممارسات الإجرامية شبيهة جداً بحملات نظام أردوغان لتدمير المكوّن الكردي نفسه بحجة محاربة الإرهاب، ويبدو أن الميليشيات التي صنفت نفسها “كردية” أو اتخذت “قسد” غطاء لها، قد تبنّت تلك السياسات اللاإنسانية.
إن رغبة أهالي دير الزور في تحرير أنفسهم من اضطهاد ما يسمّى “القوى الديمقراطية السورية” ورعاتهم “الديموقراطيين” الأمريكيين، أمر حتمي تفرضه الجغرافيا والتاريخ، فلا مكان في الأرض السورية لأي محتل أو عميل. وفي الواقع، وإضافة إلى الجرائم التي يرتكبونها ضد الأهالي في المحافظة، فإن الأميركيين والمتطرفين الأكراد يسلبون ويسرقون علناً خيرات المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية، كالنفط والغاز وغيرهما. والحقيقة، لو لم يكن هناك “ذهب أسود” في هذه المنطقة، لكانت رغبة الولايات المتحدة في “إحلال الديمقراطية” قد اختفت تماماً، والدليل على ذلك أن السياسة الأمريكية، المتمثلة بـ “غرس الحرية” في البلدان الغنية بالنفط في الشرق الأوسط، أصبحت معروفة في جميع أنحاء العالم، وتقوم على دعم أنظمة الخليج الأكثر ديكتاتورية لتحقيق أهدافها.
بالأمس، انطلق أبناء العشائر، وخاصة العكيدات، في ثورة شعبية، وأنزلوا خسائر فادحة في صفوف ميليشيات “قسد”، وأسفرت عن طرد تلك الميليشيا من عدة قرى وبلدات، واستعادة مواقع كانت تتخذها تلك الميليشيات العميلة مقراً لها على مدى السنوات الماضية، حيث اضطرت هذه الميليشيات لطلب التعزيزات من قوات الاحتلال الأمريكي ومن جميع أنحاء ما يسمّى بـ “الإدارة الذاتية” في منطقة الجزيرة. يضاف إلى ذلك، فإن الاحتلال الأمريكي، الذي أذهله صمود القوات العربية الشجاعة في المنطقة، والمتمثّلة بالعشائر عامة، والعكيدات خاصة، قاموا على الفور بنقل عناصر “البيشمركة” من شمال العراق إلى سورية لنجدة أدواتهم، حسبما ذكرت مصادر متطابقة.
بالتأكيد، وفي هذه المنعطف التاريخي، يحتاج أبناء العشائر العربية، وأكثر من أي وقت مضى، إلى التكاتف والتوحّد للتصدي لمحاولات فرض الانقسام بين أبناء الشعب الواحد، ولطرد ميليشيا “قسد” وقوات الاحتلال الأمريكية والتركية؛ فقوة أي شعب تكمن في وحدته، لذلك تحتاج بقية اتحادات القبائل والعشائر في دير الزور والحسكة والرقة، في الوقت الحالي، إلى الوقوف معاً في خندق واحد، وإلى دعم أبناء العكيدات الشجعان- وهذا ما عبرّت عنه البيانات المتتالية من أبناء العشائر في المنطقة- وتحويل تلك البيانات إلى أفعال لطرد المحتل وأعوانه.
اليوم تحاول سلطة الأمر الواقع الانفصالية، وبدعم من الاحتلال الأمريكي، قمع العكيدات، وغداً سيباشرون قتل ما تبقى من أبناء العشائر تحت ذرائع واهية، لاحتلال المنطقة وتهجير سكانها الأصليين، وهذا ما فعلوه طيلة السنوات الماضية.
أبناء قبيلة العكيدات، الأبطال والشجعان، تصدّروا الحراك في وجه الاحتلال الأمريكي وأذنابه، وعلى أبناء العشائر العربية ألا يسمحوا للمجرمين بتحقيق غايتهم في قمع “انتفاضة الحرية” لأبناء العشائر، الذين يتطلّعون إلى تحرير كامل التراب الوطني من الاحتلال الأمريكي والتركي وعملائهما، واستعادة سورية عافيتها واحدة موحّدة، بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.