قضاة “عالليبرا”.. والجانبان النفسي والاجتماعي يدخلان ضمن المعايير الجديدة للقبول
دمشق – ر. ربيع
تجربة هي الأولى من نوعها يخوضها اليوم المعهد العالي للقضاء في انتقاء المقبولين من مسابقة الدورة الثالثة لتأهيل 50 قاضياً وضمّهم إلى أروقة المحاكم ضمن شروط جديدة كلياً، فلم تعد الثقافة القانونية والشهادات العلمية كافية بمفردها لتحويل أيّ حقوقيّ إلى قاضٍ، فبين قاضٍ لا يجرؤ على إصدار حكمه وآخر يحكمه التسرّع وثالث عاجز عن دراسة سلوك المتهم بات من الضروري مراعاة شخصية القضاة والجانب النفسي والاجتماعي لهم، وهو ما عملت عليه لجنة التخطيط الاستراتيجي التابعة لرئاسة الجمهورية خلال العامين الماضيين حتى توصلت إلى آلية جديدة لمسابقات انتقاء القضاة ضمن شروط دقيقة ومحدّدة، يقوم المعهد اليوم بتطبيقها للمرة الأولى في المسابقة المعلن عنها على أن تنتهي خلال ثلاثة أشهر تقريباً، إذ كانت البداية بامتحان مؤتمت نجح فيه 137 من أصل 302 متقدم، تلاه المرحلة الأكثر تميزاً في هذه المسابقة -وفقاً للنائب العلمي في المعهد القاضي د. روعة الرحبي- وهي الدورة التحضيرية التي استمرت لشهرين متواصلين وتركزت على دراسة شخصية المتقدم والجانب الاجتماعي في حياته ومدى أهليته للقبول (التزامه بالمواعيد، قدرته على إتمام المهام، المستوى العلمي والقانوني، القدرة على التفاعل والإلقاء)، فضلاً عن إلقاء محاضرات من أساتذة وقضاة عريقين.
وفيما يُحتمل أن تصدر نتائج الدورة خلال أيام أو ساعات، تؤكد الرحبي أنه تمّت دراسة شخصية المتقدمين بشكل دقيق، وشُكّلت لجان اجتماعية في كل المحافظات تتألف كل منها من 3 قضاة بالتعاون مع المحامين العامين وقضاة العدليات عملوا على دراسة المتسابق من الناحية الاجتماعية في محافظته الأساسية ومكان عمله أو دراسته، بحيث يقدّم كل قاض تقييمه في نهاية الدورة يضاف إليها تقييم المعهد والمحاضرين ليؤهل إلى الامتحان التحريري كل من حصل على 60%.
وتلفت الرحبي إلى مراعاة التباعد الاجتماعي في قاعات المعهد خلال الامتحان، والإلزام بارتداء الكمامة ووجود المعقمات، وتجهيز قوائم رقمية بحيث يكون الامتحان دون أسماء على أوراق الإجابة، وتودع الأرقام مع الأسماء لدى وزير العدل، ولا تفتح إلا بعد انتهاء التصحيح الذي يتمّ من قبل 3 مصححين كل على حده، وتكون المحصلة هي ناتج الثلاثة، على ألا يكون الفرق أكثر أو أقل من 20 علامة، وتعلن النتائج خلال 10 أيام ويكون ناجحاً من حقق 60%.
المرحلة النهائية تكون في المقابلة الشفهية أمام لجنة الإشراف المؤلفة من 7 قضاة، ولها أن تستعين بمن تراه مناسباً سواء أطباء نفسيين أو خبراء لغة الجسد لدراسة المتقدّم بشكل دقيق، وأمام أسئلة كثيرة حول دور المعهد في التأهيل العملي وليس النظري وحسب، تؤكد الرحبي أن التدريس يقسم بين نظري وعملي مناصفة، إذ يتضمن المنهاج محاكمات صورية وجولات ميدانية إلى كل مرافق القضاء، ويتاح للطالب دراسة أضابير من أرشيف المعهد ليصدر قراره بالقضية ويتم دراسة هذا القرار من جميع الجوانب، كما يتضمن المنهاج مواد إثرائية تتضمن التأهيل النفسي والاجتماعي وحقوق القاضي وواجباته، وسيتمّ حديثاً إدراج لغة الجسد ليكون القاضي على دراية بسلوك المتهم.