“عائد لأبحث عنك” رواية على مفترق طريق الفلسفة
“أسرعوا للحياة، أسرعوا للحب، لأنكم لا تعرفون الوقت المتبقي في حساب أعماركم، نحن نظن دائماً أن لدينا ما يكفي من الوقت، لكن الحقيقة خلاف ذلك. في يوم ما، سندرك بعد فوات الأوان أننا بلغنا نقطة اللا الرجوع، هذه اللحظة التي لا يمكننا عندها العودة إلى الوراء، اللحظة التي يدرك فيها المرء أنه فوّت فرصة الحياة”.
إيثان، سيلين، جيسي، رجل، امرأة، طفلة، ثلاث شخصيات على شفير الهاوية، تتقاطع وتتصادم وتحب فهل اجتازوا نقطة اللارجوع؟.
في رواية غيوم ميسو “عائد لأبحث عنك” لدى الشخصيات الثلاث مدة 24 ساعة لتغيير كل شيء، ولكن هل يمكن للحب أن ينتصر على الموت؟ تشويق آسر وقصة حب مثيرة ونهاية مذهلة يضعها ميسو بين أيدينا.
رواية مشابهة
“عائد لأبحث عنك” الرواية تتشابه وأعمال ميسو، ولكنها وقعت في فخ تكراره لنفسه وأدواته وحبكاته وأساليبه الفنية من حيث قدرته المذهلة على تعقيد الحدث ومضامين الحبكة للحكاية حتى تنحبس الأنفاس، ليبدأ بتشويق مذهل يفكّ العرى ويعيد ربطها من جديد. ميسو لم يقدم من ناحية الأسلوب ما هو جديد ولكنه من ناحية المضمون أبدع، وأخطر ما يمكن أن يتعرّض له الكاتب في رواياته هو قدرة متابعيه وقرائه على توقع الأحداث والنهايات، وتوقع المنعطفات الخاصة بأحداث أبطاله وتجاربهم في القصة.
أحداث الرواية
تحكي الرواية عن طبيب نفسي مشهور يتدرّج في سلم المجد ويصبح ألمع طبيب في وسطه الاجتماعي والإنساني والمهني، ليتحوّل إلى شخصية مهمّة وملهمة وهو في ريعان شبابه ويصبح قبلة لمن حوله، لكنه في قرارة نفسه وبحكم دراسته النفسية وتعمّقه في تحليلات النفس لا يكون راضياً عن حالته الخاصة، ويظل هناك ما يقلقه ويشغله في التفكير ولا يكون راضياً أبداً عن حياته.
عبارة “نقطة اللا رجوع” تجعله أسيراً لها ولحيثيات مهمّة في حياته، ولتفسير هذه العبارة من زاويته الخاصة يقع في شراكها وتبدأ الأمور تنقلب رأساً على عقب ويصبح أسيراً لهذه الحالة الشائكة من الترددات والحالات النفسية.
“إيثان، سيلين، جيسي” الشخصيات الثلاث على مفترق طريق نفسي وتشعبات فلسفية، قصة الحب في الرواية مثيرة تداعب القلب مهما كانت حالته العاطفية، ومنها يسير البطل إلى النهاية التي تبقي القارئ متأرجحاً بين الغيبيات البشرية والغيبيات الربانية بزمن قياسي للأحداث، إلى أن تشتد ذروة الرواية لحلّ كل المعضلات في الساعات الأخيرة (24 ساعة)، وكأن الكاتب يلعب لعبته العجيبة في حبس الأنفاس والتشويق ليبلغ مداه الإبداعي الأدبي. لذلك يمكن تصنيفها تحت مسمّى رواية حب آسر مع تشويق مذهل، ولكنها تبقى حالة غير مبتكرة لكل من قرأ روايات الفرنسي غيوم ميسو، وهي نقطة لا تُحسب لمصلحته لأنها تحت تصنيف التكرار للحبكات والقفلات ذاتها لصناعة رواية جديدة.
كي يعود لنا
في الحقيقة، سواء اختلفنا أم اتفقنا مع غيوم ميسو في رواية “عائد لأبحث عنك” وما قيل عن أنها تكرار لحبكاته ولأسلوبه، إلا أننا لا نستطيع إلا الوقوف مشدوهين متسمرين أمام كلماته القوية الجزلة التي تعبّر عن الحب والضياع والأسئلة المحيّرة، وعن الوجد والخوف من المجهول، وعن التعلق بالقوى الخارجة عن فيزياء أجسادنا، فغيوم ميسو قادر على أن يأخذ بتلابيب عقولنا أثناء قراءته إلى حيث يريد وكيفما يريد ووقتما يريد.
جُمان بركات