محمد محفوض.. رحلة بصرية عنوانها التنوّع والإدهاش
لا يوجد بيئة محددة لمعرض الفنان التشكيلي المتنوع محمد محفوض الذي افتتح مؤخراً في صالة اتحاد الفنانين التشكيليين بحمص (صبحي شعيب)، فهو الفنان الشامل الذي يحرص على التجديد والإحاطة بأغلب الاتجاهات الفنية والموضوعات الإنسانية والأساليب التقنية، في اجتهاد مستمر لتطوير أدواته والارتقاء بها نحو امتلاك عناصر الدهشة والإبداع وامتلاك طاقة حيوية كبيرة وقدرة على خوض غمار إبداع اللوحة وفق مخطط مسبق، وعلى استنفار الطاقات البنائية الخاصة بمادة الشكل التي تجعلها تستجيب للصورة التي ستحل فيها، وهذا ما بدا عليه في هذا المعرض الذي ضم أكثر من خمسين لوحة بمقاسات مختلفة، ومواضيع متنوعة حضرت فيها المرأة ليس فقط ضمن تجلياتها الجمالية الشكلية، بل نراه يغوص عميقاً في حالاتها النفسية والانفعالية التي تمور بها حياتها اليومية، فنراه يرسم بورتريه الوجه ضمن ثنائيات متناقضة بين الغموض والوضوح ودلالاتها التعبيرية في محاولة لولوج عالم المرأة من جوانبه الإنسانية والاجتماعية والجمالية والميثولوجية أيضاً، ضمن قراءة فلسفية عميقة. وكذلك التوظيف الجمالي للجسد ضمن مقاطع لا تخفي الحضور الأنثوي الأخاذ ضمن مفردات تتيح للفنان التميز في وضع اللمسات التشكيلة التي تجعله متفرداً في قراءاته الانطباعية.
كما يجسد الطبيعة بحالتيها التسجيلية والتعبيرية الصامتة ضمن لوحات تتقاطع فيها ألوان الأخضر والأزرق والأبيض ضمن مقاطع مكانية تجسد الخضرة وارتباطها بالماء كعنصر أساسي للحياة، ومن جانب آخر تراه ينتقل إلى دلالة فصلية تتقاطع فيها الألوان النارية كالأصفر والأحمر للتعبير عن الوهج الصيفي وبعده التشكيلي الحيوي المشبع بالكثافة اللونية الموزعة بعناية غير مجانية على مساحة اللوحة.
وتحضر العين كحاسة انفعالية رمزية في معرض محفوظ كتعبير عن مزاج عام مر به الشعب السوري خلال سنوات الحرب، حيث العين تدمع دماً يتجمع في بحيرة ماء زرقاء تشي باستمرارية الحياة وتجاوز كل الأزمات والمعاناة التي يمكن أن نصنع منها مستقبلاً أكثر جمالاً وغنى.
تتنوع تقنيات التجسيد في معرض محفوض بين المائي والزيتي والفحم والاكريليك يتنقل فيها بين البساطة والتعقيد والاقتصاد والكثافة في اللون ميزتها البراعة في غياب وحضور اللون، حيث الموضوع التشكيلي يأخذ حقه من العناصر اللونية والخطوط التعبيرية الدلالية.
يعتبر معرض محفوض الثالث بعد معرضين فرديين ومشاركات في معارض جماعية عديدة داخل وخارج سورية كان آخرها المعرض السنوي لفناني حمص.
آصف إبراهيم