نتائج كارثية منتظرة لشركات النفط بسبب انهيار الأسعار
تحاول الشركات النفطية الأوروبية الحد من استثماراتها في قطاع النفط وتحسين صورتها بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها بسبب تراجع الأسعار في الأسواق العالمية والأزمة الصحية، لكن الشركات الأميركية المنافسة لا تزال تؤمن في المقابل بضرورة مواصلة الاستثمار وفق تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية، أشارت فيه إلى أن الشركات النفطية الخمس الكبرى تكبدت خسائر بقيمة 53 مليار دولار خلال الفصل الثاني من 2020. ويتعلق الأمر بكل من شركة بريتيش بيتروليوم البريطانية والشركتين الأميركيتين شيفرون وإكسون موبيل والبريطانية الهولندية شل بالإضافة إلى شركة توتال الفرنسية، وقد نشرت هذه الشركات نهاية شهر يوليو الماضي نتائج كارثية، كانت منتظرة بسبب انهيار أسعار النفط خلال أزمة الجائحة.
وأشارت «لوموند» إلى أن إجراءات الحجر الصحي ساهمت في الحد من التنقلات والنشاطات الاقتصادية واستهلاك الوقود أيضاً، بالإضافة إلى حرب الأسعار التي اشتعلت حينها بين روسيا والسعودية التي رفعت إنتاجها فجأة.
ففي شهر نيسان الماضي، انهارت الأسعار إلى أقل من 16 دولاراً بالنسبة إلى خام برنت المرجعي في الأسواق العالمية، مع انعكاسات أقوى على السوق الأميركي، الذي شهد خلال تلك الفترة مرحلة من الأسعار السالبة، إذ كان بعض الفاعلين مستعدين للدفع من أجل التخلص من براميل نفطهم، لكن الأسعار ارتفعت إلى حوالي 40 دولاراً منذ شهر حزيران الماضي، غير أنها لا تزال هشة جداً.
ولمواجهة هذه الأزمة، أعلنت الشركات النفطية الكبرى سلسلة إجراءات بينها إيقاف الاستثمارات وتسريح العمال، بالإضافة إلى اللجوء لبيع بعض الأصول التي رأت هذه الشركات أنها غير إستراتيجية.
وبتخفيض حجم الاستثمار في عمليات الاستكشاف، حرمت هذه الشركات الكبرى نفسها، بحسب «لوموند»، من مداخيل في المستقبل، وحكمت على نفسها بالتراجع في المدى المتوسط. ووفق مكتب الاستشارات، ينتظر أن تتراجع الموافقات على مشاريع جديدة في قطاعي النفط والغاز خلال 2020 بنسبة 75 % ومقارنة بعام 2019.
وفي الوقت ذاته، على هذه الشركات أن تخفض المصروفات وتواصل جذب المستثمرين الذين يشكون أكثر فأكثر في قدرة عمالقة القطاع على تأمين أرباح لهم.
وحتى تتمكن «إكسون موبيل»، على سبيل المثال، من توزيع أرباح تخلت عن خطة الاستثمار وتعتزم تسريح 10 % من الموظفين.
في أوروبا تسعى الشركات النفطية الكبرى إلى الحد من خسائرها في سوق النفط المتقلب، لكن يبدو، بحسب «لوموند»، أن أزمة الجائحة، ستحفز هذه الشركات للاستثمار في الطاقة المتجددة بعد سنوات من الانتقادات التي طالتها بسبب مساهمتها الفعالة في الاحتباس الحراري. ولفتت «لوموند» إلى أن انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة وتوجه الناس نحو استخدام السيارات الكهربائية والتشريعات التي تتشدد ضد الطاقة التقليدية في أوروبا، تشغل بال مسؤولي الشركات النفطية العملاقة في القارة العجوز، وتشير «لوموند» إلى أن لا شيء يؤكد أو يوحي حتى الآن بأن الإستراتيجيات التي اعتمدتها هذه الشركات ستتكلل بالنجاح لا على الصعيد المالي ولا البيئي، لكن في الولايات المتحدة اعتمدت الشركات النفطية إستراتيجية معاكسة تماماً فـ «إكسون موبيل» و«شيفرون» وعلى الرغم من خسائرهما الثقيلة، انتهزتا فرصة انهيار الشركات المحلية الصغرى للاستحواذ عليها بأسعار أقل، ففي 20 تموز الماضي استحوذت «شيفرون» على «نوبل اينرجي» مقابل 5 مليارات دولار.
ويبدو أحد أسباب هذا التوجه وجيهاً في نظر «لوموند»، وهو ازدهار عمليات استكشاف النفط الصخري في الولايات المتحدة.
(ترجمة عن صحيفة لوموند)