2020.. سنة جديدة للمرأة الأمريكية
ترجمة وإعداد: إبراهيم أحمد
عن صحيفة لوموند
جاء قرار جو بايدن المرشّح الديمقراطي لخلافة الجمهوري دونالد ترامب، بتعيين السيناتور عن ولاية كاليفورنيا كامالا هاريس نائباً له في انتخابات الثالث من تشرين الثاني القادم بمثابة قرار تاريخي، وإن لم يكن بحجم اختيار باراك أوباما من قبل الحزب الديمقراطي لمواجهة السيناتور الجمهوري جون ماكين في عام 2008، ولا بأهمية انتخاب أوباما نفسه كأول رئيس أمريكي من أصل أفريقي، بعد مائة وخمسة وأربعين عاماً من إلغاء العبودية.
بعد أربع سنوات من الرئاسة، اتّسمت بتراجع حقوق المرأة والأقليات، سترتدي امرأة من ذوي أصول أفريقية ألوان الحزب الديمقراطي لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة، فقد أعلن بايدن اختيار عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا السيناتورة كامالا هاريس لتخوض الانتخابات معه على منصب نائب الرئيس. وبذلك تصبح هاريس (55 عاماً) أول امرأة ليست بيضاء (والدها جامايكي ووالدتها هندية) تخوض الانتخابات على منصب رئاسي كبير في تاريخ الولايات المتحدة، ويرى المراقبون أن هذا الخيار يمنح بايدن شريكاً في وضع جيد يتيح له مواصلة الهجوم على الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.
ورحّبت هاريس باختيارها من المرشح الديمقراطي جو بايدن نائباً له، وتعهدت بالعمل على توحيد الأميركيين، وعمل ما بوسعها كي يكون بايدن رئيساً للبلاد. في المقابل، نشر ترامب فيديو لحملته الانتخابية عبر تويتر وصف فيه كامالا باليسارية المتطرفة، واعتبر الثنائي بايدن وهاريس خياراً سيئاً للولايات المتحدة.
في ظل اضطرابات اجتماعية تشهدها البلاد منذ شهور بسبب العنصرية ووحشية الشرطة ضد الأميركيين من أصول أفريقية، واجه بايدن ضغوطاً متنامية لاختيار امرأة غير بيضاء لخوض الانتخابات معه على منصب نائب الرئيس. ويرى الخبراء أن بايدن لا يركز في تقييمه على شخص يساعده كنائب الرئيس فقط، بل اختيار مرشحة مؤهلة لقيادة دفة الحكم في الولايات المتحدة، وقد تصبح لاحقاً أول سيدة تصل للمكتب البيضاوي في البيت الأبيض.
من هي كامالا هاريس؟
بعد شهور من توقف أحلامها في الترشح للرئاسة، ستحصل كامالا هاريس الآن على فرصة أخرى في ترشيحات الحزب الديمقراطي في سباق الوصول إلى البيت الأبيض، فقبل عام من الآن، اندفعت هاريس إلى مقدمة مجال مكتظ بالمتنافسين الطامحين لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة عبر أداء قويّ في سلسلة من المناظرات، وانتقادات لاذعة لمنافسها بايدن في قضايا تتعلق بالعرق في الولايات المتحدة، ولكن بحلول نهاية عام 2019، كانت حملتها قد انتهت وخرجت من سباق التنافس على الترشح. والآن، بعد أن أصبح بايدن المرشح الديمقراطي المفترض للرئاسة، يتمّ اختيار هذه المرأة لتكون نائب الرئيس. وهكذا دخلت هاريس سباق الوصول إلى البيت الأبيض من جديد، ولكن تحت تصنيف ثانٍ. فبين مجلس الشيوخ والادعاء العام بعد قضائها أربع سنوات في هوارد، انتقلت هاريس للحصول على شهادة عليا في القانون من جامعة كاليفورنيا، وبدأت حياتها المهنية لاحقاً في دائرة الادعاء العام في مقاطعة ألاميدا، وتولت منصب المدعي العام في المقاطعة. وفي عام 2003 أصبحت المدعي العام الأعلى لسان فرانسيسكو، قبل أن يتمّ انتخابها كأول امرأة وأول شخص من ذوي البشرة السمراء يعمل كمدعٍ عامٍ لولاية كاليفورنيا، وأكبر محام ومسؤول عن إنفاذ القانون في أكثر الولايات الأمريكية كثافة. قد تصبح كامالا هاريس، أول سيدة تتولى منصب نائب رئيس الولايات المتحدة في حال أصبح جو بادين رئيساً للبلاد في الثالث من تشرين الثاني القادم، مع العلم أنه يتقدم على ترامب في استطلاعات الرأي الأخيرة.
يمكن القول: إن كامالا هاريس، التي تصغر هيلاري كلينتون بسبعة عشر عاماً، وإليزابيث وارين بخمسة عشر عاماً، توّفر أيضاً فرصة لتعبئة الناخبين الشباب غير المتحمسين كثيراً للتصويت لجو بايدن، الرجل السبعيني الذي أمضى ثلاثين عاماً في ممرات مجلس الشيوخ. وعلى مستوى الخريطة الانتخابية، تجلب كامالا الأمل في تعزيز التعبئة في ولايات جورجيا وكارولينا الشمالية، وهما ولايتان يمكن لتصويت الناخبين الأمريكيين الأفارقة أن يحدث الفرق فيهما.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء لابد من التذكير بأنه وبعد فشل هيلاري كلينتون أمام ترامب، المرشح المعروف بتصريحاته المزاجية والمتحيزة جنسياً، صُدمت النساء الديمقراطيات الأمريكيات، حيث شاركن بقوة في انتخابات التجديد النصفي، ودخلت مجموعة قياسية منهن إلى الكونغرس. وبالنسبة للانتخابات الرئاسية القادمة، خاضت ستُّ نساء –بما في ذلك كامالا هاريس– السباق الانتخابي لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي الذي سيواجه ترامب في انتخابات تشرين الثاني القادم، والذي حسمه جو بايدن في نهاية المطاف. لكن ترشح هذا العدد من النساء كان دليلاً على حيوية الحزب الديمقراطي في فترة حكم ترامب، وخاصة نساء هذا الحزب. ووفقاً لمركز المرأة الأمريكية والسياسة في جامعة Rutgers الأمريكية، فإن سنة 2020 قد تكون “سنة جديدة للمرأة”، مع الحضور القياسي للمرشحات المتحدرات من الأقليات. ولا تتوقف الناشطات من ذوي الأصول الأفريقية عن الإشارة إلى أن 53% من نظيراتهن البيض صوتن لصالح ترامب، بينما صوت 94% من الأفارقة لكلينتون في عام 2016. في الوقت الذي وضعهن فيه الوباء في الخطوط الأمامية، فإنهن يعتقدن أن حان وقتهن.