أسعار الأعلاف تغيّب المنتجات الحيوانية عن مائدة السوريين والذرة والصويا متهمتان
توقف قطاع الدواجن الضخم بفروجه وبيضه أو كاد أن يتوقف، جراء غلاء أسعار الأعلاف، كذلك الأمر لقطاع الثروة الحيوانية عموماً، إذ ليست تربية الأبقار والأغنام وحتى الخيول بأفضل حال من الدواجن.. والأعلاف هي المتهمة الرئيسة في القضية، ومعروف أن صناعتها ترتكز على دعامتي الصويا والذرة بشكل أساس، وهما مادتان مستوردتان، ما يعيق استقرار أسعار المواد العلفية، ويدفع المربين ليتساءلوا-بداهة- ألهذا الحد بات من الصعب زراعة هذين المحصولين محلياً، أو توفير بدائل ممكنة وعملية لهما، وهل من المعقول أن يحول توطين إنتاج الأعلاف، بما هي صويا وذرة وغيرها، دون نجاح الاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية عموماً، مع ما يرافق ذلك من غلاء وشح في المنتجات الحيوانية، وغيابها عن مائدة السوريين.؟!
موسم الهجرة إلى الإفلاس
كبرت كرة الثلج كثيراً إلى الحد الذي أوصلت فيه المربين، قطاع الدواجن على وجه التحديد، إلى الإفلاس جراء تآكل قدرتهم على تأمين الأعلاف لقطعانهم، حتى باتت تقديرات أوساط السوق والمربين تشير إلى أن 80-85 بالمئة من المزارع بات خارج الخدمة، مع ما يعنيه ذلك من إفلاس وفقدان فرص عمل وإضعاف للدورة الاقتصادية، والأهم شح أو غياب المنتجات الحيوانية عن الأسواق.!
وكشف المدير العام للمؤسسة العامة للدواجن المهندس سراج خضر، في وقت سابق، أن القطاع يعيش مرحلة صعبة ومفصلية بعد الارتفاع غير المسبوق لمستلزمات الإنتاج، ومنها الأعلاف، والتي أدت لخسارات كبيرة تعرض لها المربون، حيث وصل بهم الأمر إلى إعدام جماعي للصيصان، ما يخلق فجوة إنتاجية حقيقية في المرحلة المقبلة، سيما عندما يحجم مستوردو المواد العلفية عن التسعير، ويمتنعون عن بيعها إلا لمن تربطهم به علاقات شخصية وبالأمانة (التسعير لاحقاً)، حتى وصل سعر طن كسبة فول الصويا إلى 1,2 مليون ليرة، وطن الذرة إلى 700 ألف ليرة، لتصل قيمة سيارة الصويا إلى 55 مليوناً، والذرة إلى 35 مليون ليرة.
الشعير بديل عن الذرة
ودعا عضو غرفة تجارة وصناعة درعا الدكتور وهيب المقداد إلى الاعتماد على الشعير المقشور، بديلاً عن الذرة في خلطات أعلاف الدواجن، ما يوفر في تكاليف إنتاج الطن الواحد بحدود 40 بالمئة، فسعر الكغ للأول حوالي 300 ليرة سورية، فيما هو للثاني بـ 850 ليرة، علماً أن البلاد منتجة للحبوب عموماً، ومنها الشعير وبكميات كبيرة، فيما تستورد كامل احتياجاتها من الذرة.!
وقال المقداد أنه لم يبق أمام قطاع الدواجن للاستمرار والإنتاج، سوى تخفيض تكاليف الأعلاف، التي ترتكز بالدرجة الأولى على الصويا، والتي بطبيعة الحال لا بديل علفيا لها حتى الآن، فيما يمكن أن يشكل الشعير المقشور بديلاً عملياً وفاعلاً للذرة.
تخفيض التكاليف
يسهم استخدام الشعير في خلطة الأعلاف المقدمة للدواجن، في تخفيض تكاليف التربية، وبالتالي تخفيض السعر النهائي للفروج (أرض المزرعة وفي الأسواق)، خاصة مع استهلاك الدواجن لكميات كبيرة من هذه الأعلاف، ففوج الدجاج الذي يربى لأقل من شهرين، وتأكل كل دجاجة فيه أربعة كغ من العلف، ما يعني أن هذا الفوج يستهلك، ليصبح جاهزا للذبح، 40 طناً، وعليه ثمة وفر كبير ستظهر آثاره في الأسعار للمستهلك النهائي، وفي استمرار هذا القطاع الذي بات يعاني مشكلة وجودية بكل ما للكلمة من معنى.. !
تحفظ على الشعير
بالرغم من كفاءة استخدام الشعير كمادة علفية ذات قيمة غذائية جيدة، إلا أن هناك من يتحفظ على استخدامها، ويعزو ذلك إلى مشكلات تسببها للدواجن، ومنها.. حدوث حالات غصص واختناق، والتخريش المستمر لبطانة الجهاز الهضمي، وازدياد نشاط الجراثيم الانتهازية في الأمعاء، وحالات السموم الفطرية والكلوستريديوم، وحدوث إسهالات وخسارة الغذاء،وتأخر استهلاك الدجاج للعلف نتيجة ازدياد حجم الخلطة وارتفاع نسبة الألياف، مع تراجع الكفاءة الإنتاجية الكمية والنوعية، وتراجع مستوى الأجسام المناعية بالدم.
إلى ذلك..
نحن بلد منتج للحبوب بامتياز، وبالتالي لا يوجد ما يمنع من التوسع في هذه الزراعة لتشمل الذرة والصويا، كما أن تصدير مادة مهمة كالشعير، لا بد من إعادة النظر به، لأن مثل هذا التصدير سينعكس سلباً على تربية وتسمين الخراف والعجول والأبقار والدواجن، لتفرخ المشكلة مشكلات، ويدخل هذا النوع من الإنتاج في أنفاق مظلمة تتعثر فيها الأطراف جميعاً.!
أحمد العمار
ournamar@yahoo.com