تحقيقاتصحيفة البعث

السياحة.. تعافٍ مأزوم بجائحة كورونا وخطوات مكثفة للتخفيف من الخسائر

لم يكن قطاع السياحة، كغيره من القطاعات، بمنأى عن التداعيات السلبية، سواء الناجمة عن العقوبات الاقتصادية على سورية أم تلك الناجمة عن جائحة كورونا، لا بل إنه قد يكون الأكثر تأثراً، ما يضع القائمين على هذا القطاع على محك تكثيف الجهود لتجاوز ما يعترضه من تحديات تحول دون تعافيه.

البداية من حمص

حاولت “البعث” الوقوف على الإجراءات المتخذة للنهوض بقطاع السياحة، من خلال تسليط الضوء على العمل السياحي في عدد من المحافظات، وكانت البداية من حمص، والتي تأثرت السياحة فيها بشكل كبير خلال الفترة الماضية جراء جائحة كورونا لجهة انخفاض عدد مرتادي الفنادق، والمطاعم بشكل واضح، وخاصة بعد توقف قدوم السياح من خارج القطر، إضافة إلى الإجراءات الصحية التي تمّ اتخاذها كإلغاء حفلات الزفاف المحجوزة من قبل المغتربين، والتي كانت تشكل قسماً كبيراً من إيرادات المنشآت السياحية، وفقاً لما أكده أحمد عكاش مدير سياحة حمص، ولكن على الرغم من ذلك فقد تمّ تكثيف الاعتماد على السياحة الشعبية الداخلية، وتشجيعها من خلال اتفاق وزارة السياحة واتحاد غرف السياحة في الملتقى الذي عُقد في فندق سفير حمص على تقديم حسومات كبيرة وحقيقية من قبل الفنادق والمطاعم لمكاتب السياحة المهتمة بالسياحة الداخلية، وتنظيم الرحلات. كما أكد عكاش أن الضابطة العدلية في المديرية تقوم بجولات مكثفة للتأكد من التزام كافة المنشآت السياحية بالشروط الصحية للتصدي لجائحة كورونا، وخاصة منع الأراكيل، والتجمع المكاني، وتنظيم الضبوط بحق المنشآت المخالفة.

تأهيل وترخيص

أما في طرطوس فقد أكد يزن الشيخ مدير سياحة طرطوس، أنه يتمّ حالياً التحضير بجدية لملتقى سوق الاستثمار السياحي للعام الحالي، مشيراً إلى أنه وبعد فضّ عروض استثمار المواقع السياحية في طرطوس فقد رسى العرض المقدم من قبل شركة آرمان لاستثمار موقع المارينا العائدة ملكيته لمجلس مدينة طرطوس، وتمّ تسليمهم الموقع أصولاً، لافتاً إلى أن التكلفة الإجمالية  للمنشآت السياحية المؤهلة قد بلغت ملياري ليرة سورية، وبطاقة استيعابية قدرها 730 كرسياً، وتؤمن 150 فرصة عمل جديدة. كما أوضح الشيخ أنه تمّ القيام بخمسين جولة على المنشآت السياحية للتأكد من الالتزام بالشروط الصحية والتعليمات، ونظم حتى تاريخه 19 ضبطاً بحق المنشآت المخالفة بموضوع الأسعار، والبطاقات الصحية، وأصول الترخيص، كما تمّ منح الترخيص لثلاثة مكاتب، ومتابعة طلبات المواطنين لاستئجار الأملاك البحرية لأغراض سياحية من خلال إجراء الكشوف الميدانية ورفع المقترحات المناسبة بخصوصها.

متنوعة
وفي ريف دمشق بيّن مدير سياحتها محمد وائل الكيال، أن السياحة في محافظة الريف ذات مجالات متنوعة (دينية، تاريخية، ثقافية، طبيعية، استجمام) وتساهم بنسبة جيدة في رفد الخزينة من القطع الأجنبي، وفي إيجاد فرص العمل، وقد اجتهدت المديرية منذ بداية العام الحالي باتجاه إجراء كل ما يلزم لاستمرار عمل المنشآت السياحية، وتأهيلها، وترخيصها، حيث تمّ تأهيل ست منشآت إطعام، واستراحة طرقية واحدة، وإصدار رخصة مطعم من سوية نجمتين، ومنح استمارة التأهيل السياحي النهائي لمنشأتين، وبلغ عدد المنشآت السياحية في ريف دمشق (222) منشأة (109) منها منشآت مبيت، و(113) منشآت إطعام، وقد بلغت الكلفة التقديرية لمنشآت المبيت المؤهلة منذ بداية العام نحو ثمانية عشر ملياراً ومئتين وسبعين مليون ل. س، وبلغت الكلفة التقديرية لمنشآت الإطعام المؤهلة منذ بداية العام الحالي ثلاثة مليارات وثلاثمائة وخمسين مليون ل.س.

وقد تعرّضت السياحة في ريف دمشق لمشكلات وصعوبات خلال جائحة كورونا كان أبرزها توقف استقدام المجموعات السياحية الدينية من خارج القطر منذ منتصف آذار، والتي تشكّل معظم زوار العتبات المقدسة، مما أدى لانخفاض حاد في الإيرادات، وفقدان العديد من فرص العمل، إضافة للقرارات والتعاميم بإغلاق المنشآت كلياً، أو تخفيف العدد، مما أدى لتوقف المنشآت عن الخدمة لمدة شهرين ونصف تقريباً، وعدم حصول العاملين فيها على أجور، واستجابة لذلك تمّ صرف راتب شهرين لهم من الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية، ووفق الخطة الترويجية فقد كان مزمعاً إقامة عدد من المهرجانات السياحية والفعاليات، إلا أن الظروف الصحية حالت دون إقامتها جميعاً. وتابع الكيال: لقد تمّ تكليف لجان الرقابة واللجان المشتركة بالتحقق من مراعاة المنشآت السياحية لكل ما يصدر من قرارات واشتراطات صحية للوقاية من فيروس كورونا، وتنظيم الضبوط واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المنشآت المخالفة، ونتيجة لارتفاع الأسعار فقد تمّ التنسيق بين الوزارة واتحاد غرف السياحة ومديرية حماية المستهلك وجمعية حماية المستهلك، لدراسة إشكاليات أسعار بدل الخدمات في المنشآت السياحية، والكلف التشغيلية للمنشآت، وهم بصدد إصدار الأسعار المناسبة، والتي تتوافق مع الظروف الحالية.

وفيما يتعلق بالجودة أوضح الكيال أنها من المواضيع المهمّة ويتمّ بشكل مستمر متابعة عمل المنشآت السياحية، والتأكد من تقديمها للمنتج المتكامل، والمطابق لمواصفات الجودة من قبل لجان الرقابة، والضابطة العدلية، ولجنة الرقابة المشتركة، كما تتحقق من التزام المنشآت السياحية بالشروط الصحية بالدرجة الأولى، ومن ثم جودة المنتج، والأسعار المناسبة، وتنظيم الضبوط واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين.

خارطة استثمارية

وإذا ما انتقلنا إلى محافظة حلب سنجد أنه تمّ إصدار تسع استمارات تأهيل سياحي لعدة مطاعم وكافتيريات ومسبح من سويات 2 – 3 نجوم، وبكلفة تصل إلى مليارين وستمائة وثمانية وعشرين مليون ليرة سورية، وذلك وفقاً لما أكدته نايلة شحود، مديرة سياحة حلب، والتي أوضحت أن هذه المنشآت تؤمّن فرص عمل جديدة لكثير من خريجي المعاهد السياحية، كما تمّ إصدار ست موافقات لبرامج فنية ضمن المنشآت السياحية، وإجراء جولات مشتركة مع مجلس مدينة حلب ومديرية المالية لتأهيل المنشآت السياحية الموضوعة بالخدمة دون تأهيل سياحي، كما قامت اللجنة العدلية بـ 162 جولة رقابية وتوعوية، للتأكد من التزام المنشآت بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا، وتوعية أصحاب المنشآت حول خطره، وتنظيم 157 ضبطاً بحق المنشآت المخالفة، ومتابعة جميع الشكاوى الواردة إلى مديرية السياحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين، حيث تمّ إغلاق عدد من المنشآت السياحية المخالفة للإجراءات والاشتراطات الصحية لفيروس كورونا. وتابعت شحود: تمّ الانتهاء من إعداد الخارطة الاستثمارية السياحية لمحافظة حلب، وفي سياقها تمّ تحديد الأهداف في توفير المناخ الملائم لإقامة مختلف المشروعات السياحية المناسبة من خلال حماية البيئة الطبيعية من التلوث، والحفاظ على الموارد التاريخية والحضارية السياحية، والتنسيق مع الجهات المعنية لحمايتها من التدهور، ومعالجة وتخطيط النمو العمراني بما لا يؤثر سلباً على جمالية الطبيعة، ويتمّ العمل على إعداد خارطة سياحية متكاملة تتضمن زيادة معدل نمو السياحة في حلب للمساهمة في زيادة الدخل السياحي الإجمالي بهدف تكثيف مشاركتها في الناتج الوطني الإجمالي، ودعم ميزان المدفوعات من خلال العمل على زيادة النصيب السوقي لسورية من حركة السياحة العالمية عبر عدة محاور عمل، أبرزها تطوير المنتج السياحي وتنويعه، وتنمية المجتمعات المحلية، ورفع مستوى مساهمة السياحة الاقتصادي عن طريق زيادة الإنفاق داخل حلب من قبل السياح المغتربين في المرحلة القادمة.

السير قدماً

بقي أن نشير إلى أننا نعوّل على أن يتجاوز القطاع السياحي ما يعترضه من صعاب، ليعود كما كان في طليعة القطاعات الداعمة للناتج الإجمالي والمؤمّنة لفرص العمل، وذلك من خلال الاجتهاد في جلب الاستثمارات الكبرى لهذا القطاع.

بشار المحمد