بعد تجارب قاسية في التسهيلات..الإفراج عن القروض رهن الضمانات المتينة والمقبولة
دمشق – ريم ربيع
مضى ما يتجاوز الشهرين منذ تعميم المصرف المركزي على المصارف العامة والخاصة وقف منح القروض والتسهيلات الائتمانية، لدراسة الشروط والضوابط الناظمة لها، وحتى الآن لم يعط المركزي أو المصارف أية إجابة عن مصير القروض وموعد عودتها، إذ أكد كل من المصرفين التجاري والعقاري أن الأمر بعهدة المركزي ولم يصدر أي قرار جديد حتى اليوم، ورغم التوقعات بعودة الإقراض بعد عيد الأضحى لم تفرج المصارف عن معلومات جديدة وتكتفي حالياً بتقييم هذا القرار وانعكاساته على عملها.
ومع أن إيقاف التسهيلات كان له أثر إيجابي على تثبيت سعر الصرف إلى جانب جملة من الإجراءات الأخرى، إلا أنه برأي خبراء يشكل أثراً مؤقتاً ولا يمكن الاعتماد عليه على المدى الطويل، فالمتضرر الأول اليوم من وقف القروض هم ذوو الدخل المحدود والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يفترض أن تكون الحامل الأساس لاقتصاد المرحلة المقبلة، إذ يرى نقيب المهن المالية والمحاسبية زهير تيناوي أن هذا القرار له ضرر كبير على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وذوي الدخل المحدود، ولدى المصارف اليوم فائض سيولة من إيداعات المواطنين يجب استثماره إما بمشاريع “وهو أمر غير متاح حالياً” أو بقروض.
غير أن التجربة التي مرت بها المصارف في فترة قبل الحرب كانت قاسية جداً وفقاً لتيناوي، حيث بلغت قيمة القروض المتعثرة 400 مليار ليرة، واستغل المقترضون ظروف الحرب ولم يسددوا وأصبح معظمهم اليوم خارج البلاد، فضلاً عن وجود عناصر غير منضبطة وفاسدة في تلك القطاعات ممن أعطوا تسهيلات كبيرة للمقترضين ومُنحت قروض بلا ضمانات أو بضمان وهمي، وهم يتحملون المسؤولية علماً أن أغلبهم أُحيل للقضاء، يتابع تيناوي: تلك التجربة جعلت الإدارات تتخوف في منح القروض، وباتت إما تضع شروطاً قاسية لا يتحملها الصناعي ولا التاجر ولا ذوي الدخل المحدود ممن هم بحاجة قروض تشغيلية، أو أنها لا تعطي قروض، وهذه هي الأسباب التي تؤخر إعادة منح القروض اليوم.
ويعتبر نقيب المهن المالية أن حزمة الإجراءات التي اتخذت لتثبيت سعر الصرف ومن بينها وقف القروض كان لها أثر ايجابي غير أنه ليس بحل دائم أو وحيد، فيما شكّل تحديد سقف السحوبات دوراً هاماً في التضييق على السوق السوداء، مؤكداً أنه لا بد من إيجاد سياسة مصرفية متينة وتمنح القروض لمستحقيها وفق ضمانات مدروسة ومقبولة تضمن حقوق المصارف حتى لا ينعكس الضرر على المصرف المركزي الذي يُعد الضامن لعملها، مشيراً إلى أنه تم تكليف النقابة بدراسة وتدقيق الجدوى الاقتصادية للمشاريع قبل منح القروض.