تحث ثقل اقتصاديات أيلول وفاتورة المدارس..تجارب مكرورة واختبار للحلول المبتورة
دمشق – فاتن شنان
يثقل قدوم شهر أيلول كاهل الأسر مع افتتاح المدارس وبدء موسم المؤونة ولوازم الشتاء، سيما مع الارتفاع الملفت في أسعار لوازم المدارس، والذي لم يعد بوسع المواطن تحمله أو مواكبته سواء كان موظفاً أو صاحب أعمال حرة، فتكلفة الطالب الواحد تقارب الخمسين ألفا بالحد الأدنى بمستلزمات ذات جودة متوسطة، إذ يتراوح سعر اللباس المدرسي “البدلة” بين 15 إلى 20 ألف ليرة والأحذية المدرسية والرياضية قاربت الـ25 ألف، عدا عن تكلفة القرطاسية والتي تمنح المواطن فرصة أكبر بالتحايل على تقليص تكلفتها بشراء الحد الأدنى منها وليست بحسب ما يحتاجه الطلاب، وبعد تدخل وزارة التربية بتحديد ما يلزم لكل صف دراسي في محاولة منها لتخفيف الضغط المادي على الأهالي، ورغم الاعتراف الضمني للحكومة بعدم قدرة المواطنين على مجاراة الأسعار وثقلها على أولياء الأمور عبر إجراءاتها سواء بتقديم قرض مدرسي عبر السورية للتجارة، أو تدخل وزارة التربية بتحديد مستلزمات الدراسة، إلا أنها لم تعكس الأثر الإيجابي المرجو وتبقى الإشكالية قائمة لمن لديه أكثر من طفل في المدرسة.
لم تعد…
الكثير من المواطنين يبحثون عن سبل لتلبية متطلبات العام الدراسي من الأسواق الشعبية والبسطات، علهم يجدون ضالتهم بأرخص الأسعار، ورغم جولاتهم المكوكية إلى مختلف الأسواق الشعبية قبيل بدء المدارس، إلا أنهم أكدوا بأنها لم تعد الوجهه المناسبة، إذ طالها جنون الأسعار رغم تدني الجودة الملحوظ، معربين عن سخطهم لعجز الحكومة عن ردع جشع التجار واستغلالهم كافة المناسبات لجني الأرباح الطائلة، واعتبروا أن الإجراءات المتخذة في هذا السياق لم تفلح في تخفيف أزمة المدرسة، فالقرض المدرسي يطال موظفي القطاع العام فقط، بينما تبقى الشريحة الأوسع خارج هذا الخيار، بالإضافة إلى عدم جدوى تحديد المستلزمات الدراسية لعدم كفايتها طيلة العام الدراسي، الأمر الذي يعيد الأزمة إلى نقطة البدء وتفترض حلولا شاملة نظراً لأهمية استمرار العملية التعليمية وضمان التزام الجميع بها.
حلول فردية
انطلاقاً من أهمية إيجاد حلول متكاملة وشاملة، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور زكوان قريط أن الإشكالية تكمن في عدم التنسيق بين الوزارات والجهات الحكومية لوضع رؤية شاملة تعالج الأزمات المعيشية، سيما وأنها أصبحت أزمات متكررة ولدينا تجارب مع أزمات بداية العام الدراسي أو الأعياد أو فصل الشتاء، وبالتالي فإن أية إشكالية تتعلق بمعيشة المواطنين تتطلب مشاركة فعلية لجهود وزارة المالية والاقتصاد والمصرف المركزي وغيرها لرسم خطة ومسار واضح واختيار الحلول المناسبة قبل حدوث الإشكالية المحتملة، ولكن ما يحدث على أرض الواقع هو العكس تماماً إذ تنتظر الجهات المعنية حدوث الأزمة ومن ثم تحاول كل جهة على حدة -إن رغبت بتقديم الحلول- بمحاولات فردية من وجهة نظرها دون التنسيق مع نظيراتها، فتأتي النتيجة بحلول غير مرضية وعاجزة عن المعالجة، واقترح قريط في سياق معالجة ارتفاع أسعار لوازم المدرسة بتوفير ما تم تحديده من قبل وزارة التربية مجاناً عبر تعاونها مع بعض المنظمات وإيصالها لكافة الطلاب في المدارس، مبيناً أن هناك الكثير من المقترحات التي من شأنها تذليل الصعوبات إلا أنها تتطلب دراسة لمعرفة مدى توافقها مع إمكانيات الجهات المعنية.