مراوحة في المكان
ما يثير القلق حالياً في حلب أمران هامان: الأول التعاطي غير المسؤول والجاد مع جائحة كورونا، وعدم التقيد بالإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشار الوباء ونقل العدوى، ما أدى بالنتيجة إلى ارتفاع مفاجىء وخطير في عدد الإصابات والوفيات، وهو ما أشرنا إليه في أكثر من مناسبة دون أن نجد الاستجابة المطلوبة من الفريق المعني بالتصدي لفيروس كورونا، ومن المواطنين على السواء.
والأمر الثاني يتمثّل بالمؤشرات المنخفضة وغير المرضية لنسب إنجاز مجمل المشاريع الإنتاجية وذات الطابع الحيوي والتنموي التي مازالت تراوح في المكان، بالرغم من كل ما نسمعه بين فترة وأخرى عن عشرات الخطط والبرامج والدراسات المدعومة حكومياً لاستكمال مشروع إعادة الإعمار والبناء في حلب، تمهيداً للانتقال إلى مرحلة البناء الاستراتيجي، وبعيداً عن المبررات الجاهزة من قبل المعنيين، سواء أكانت منطقية أو عكس ذلك، نجد أن أحد أهم أسباب التقصير والتراجع والتباطؤ في مواقع وجبهات العمل هو عدم القيام بالواجب الوظيفي والمهام المنوطة بالشكل المطلوب التي لا تنسجم وتتناغم قطعاً مع الخطط الموضوعة والإمكانات المتاحة، تضاف إلى ذلك جملة من العوامل الفنية والتقنية، منها ضعف اليد العاملة، وقِدم التجهيزات والآليات، وعدم رصد الميزانيات المطلوبة وانتظام صرفها وإنفاقها لإنجاز المشاريع المقررة، كل ذلك أدى بالمحصلة إلى استنزاف في الوقت والجهد والمال في ضوء المتغيرات اليومية في سعر الصرف صعوداً، والارتفاع الحاد والمتزايد في أسعار المواد الأساسية، ومدخلات الإنتاج، وتأثيرها السلبي المباشر على كلف الإنتاج، وعلى آلية العرض والطلب، وعلى الحركة الاقتصادية بصورة عامة.
في الإطار ذاته ثمة الكثير من الإشارات غير الواضحة حول الكثير من القضايا العالقة، منها ما يتصل بالعلاقة المخفية مع القطاع الخاص، أو ما يسمى /بالمتعهدين/، وبعيداً عن شرعية وقانونية هذه العلاقة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً بعد مرور ما يقارب أربعة أعوام على تحرير حلب من الإرهاب: هل حققت هذه العلاقة أو الشراكة، كما يحلو للبعض تسميتها، المطلوب، ونجحت في جسر هوة الدعم والامكانات، أم أنها راكمت من المشكلات والأزمات في ظل الحديث المتجدد عن عشرات العقود والمشاريع غير المكتملة التي تم إلزامها مؤخراً للمتعهدين، والتي تفوح منها روائح صفقات مشبوهة كشفتها قيمة العقود المالية، ورداءة التنفيذ؟..
مختزل القول: ما يتم ترويجه وتسويقه في حلب عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي من إنجازات لتبييض الوجوه، وصفحات بعض المسؤولين، لا يعكس حقيقة واقع المدينة الراهن التي تعاني من ترهل واضح في البنية الخدمية والتنموية والاقتصادية، وبالتأكيد لا يمكن إدراج مشروع ترقيع الشوارع بقمصان زفتية غير مستوفية لشروط ومعايير الجودة، وصيانة الأرصفة والمستديرات عند مداخل المدينة وأطرافها ضمن خطة الانتقال إلى البناء الاستراتيجي، بينما عشرات الحفر منتشرة في الشوارع والأحياء الشرقية من المدينة، وعشرات المشاريع في المدينة والريف متوقفة ومتعثرة، وهو ما نضعه على طاولة اللجنة الوزارية المشرفة على حلب، وفي عهدة أعضاء مجلس الشعب المنتخبين عن المدينة والريف لممارسة دورهم ومهامهم، وتنفيذ وعودهم في تلبية مطالب واحتياجات ناخبيهم، والمواطنين عموماً.
معن الغادري