في جديد الحياة المسرحية: تناقضات فكرية عميقة في النص المسرحي
صدر العدد الجديد من مجلة “الحياة المسرحية” الفصلية التي تصدرها وزارة الثقافة- مديرية المسارح والموسيقا، وتضمَّن عدداً من الموضوعات والحوارات ورصداً للعديد من الأعمال المسرحية التي قُدمت على خشبات مسارحنا في دمشق والمحافظات، وتناول رئيس تحرير المجلة جوان جان في كلمة العدد واقع النص المسرحي في سورية ومستقبله، مبيناً أن النص المسرحي السوري اليوم لا يبدو منعزلاً عن المشاغل العامة للناس وهواجسهم، وهو وإن حاول الابتعاد عن هذه الهواجس والمشاغل باتجاه قضايا إنسانية أكثر شمولاً وأوسع أفقاً إلا أنه سرعان ما يعود إلى واقع الإنسان السوري ليرصد مآلاته وتفاصيل أيامه، مشيراً إلى محاولة كتّاب مسرحنا الشباب جسر الهوة بينهم وبين الفعالية المسرحية عندما انخرطوا في مختبرات مسرحية مع الفرق والتجمعات التي ترغب بتجديد أساليب تواصلها مع الجمهور، فأصبح الكاتب المسرحي، برأي جان، أكثر انخراطاً في اللعبة المسرحية بعد أن كان شبه منعزل عنها، الأمر الذي دفع الكثيرين من مخرجينا في مراحل سابقة إلى الانفضاض عن النص المسرحي المحلي الذي كانوا يرون فيه مادة للقراءة أكثر من كونه مادة للتجسيد على خشبة المسرح، معتبراً أن المسابقات والجوائز عامل حاسم وفعال في تشجيع الكتابة المسرحية عند الكتّاب الشباب والهواة، إلى جانب إحياء المهرجانات المسرحية الشبابية كمهرجانات الجامعة والشبيبة والعمال الأمر الذي من شأنه الدفع بعملية الكتابة المسرحية، خاصة وأن معظم المخرجين المشاركين في هذه المهرجانات يفضلون النصوص المسرحية الجيدة، موضحاً أنه وفي السنوات العشر الأخيرة ظهرت عدة محاولات مسرحية على صعيد النص المسرحي لمقاربة موضوعة الحرب على سورية، لكن معظمها وقع في تناقضات فكرية عميقة، أبرزها تصوير الصراع على أساس أنه صراع بين وجهتَي نظر تمتلك كل منهما مبرراتها وأسباب وجودها، في حين وقع بعضهم في إشكالية اتخاذهم مواقف حيادية في أعمالهم وتعاملهم مع الشخصيات التي تمثل أطراف الصراع المفترض بشكل متساوٍ، متجاهلين أن المسألة أعمق بكثير من كونها صراعاً ساذجاً بين طرفين كما صوَّروه، وقد وصل الأمر ببعض النصوص إلى التركيز على طرف ثالث اعتبروه ضحية لنزاع بين طرفين يتحملان مسؤولية مشتركة.
ولادة النص الثانية
ولأن النص المسرحي لا يمكن أن يتحول لعرض مسرحي دون وجود مخرج تناول الكاتب المسرحي مصطفى صمودي وضمن باب كواليس (الصفحة الأخيرة) مصطلحَ المخرج وبدايات ظهوره، مشيراً في البداية إلى أنه على يد المؤلف تكون ولادة النص الأولى، وعلى يد المخرج تكون ولادته الثانية التي بها يبلغ كماله ومداه، مستشهداً بقول بريخت “المسرحية غير جديرة بهذا الاسم وغير قابلة للفهم إلاّ عندما تقدَّم على خشبة المسرح”.
شغف لم يتغير
وفي باب”تجارب ورؤى” التقتْ “الحياة المسرحية” بالفنانة ثراء دبسي ضمن حوار أجرته سلوى صالح، وفيه تحدثت دبسي عن شغفها بالمسرح الذي بدأ منذ طفولتها ومشاركاتها في عروض المسرح السوري في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي والتي قُدِّمت على خشبات مسارح دمشق وحلب، وهي التي عاصرت الرواد الأوائل من كبار المخرجين والممثلين والكتّاب والشعراء والفنانين وكيف انطلقت من مسرح الشعب بحلب وقد تبناها الفنان عمر حجو، ومن ثم في المسرح القومي ورحلة احترافها العمل المسرحي من خلال مسرحية “براكساجورا” إخراج رفيق الصبان، وعدد كبير من الأعمال المسرحية التي تعد اليوم جزءاً من تاريخ المسرح السوري..
وحول العروض المسرحية المُقَدَّمة في السنوات الأخيرة عبرت دبسي عن إعجابها بالجيل المسرحي الجديد وتجاربه الجديرة بالمتابعة لإيجاد مسرح مختلف، مشيرة إلى أنها تواكب العروض الجديدة وتحرص على حضورها لإيمانها بالجيل المسرحي الجديد وتتمنى أن تصل هذه التجارب إلى مرحلة يكون فيها المسرح أكثر عمقاً، مبينة أنها تؤيد مشاريع المسارح المخصصة للشباب بالتوازي مع المشاريع التي تقدم أعمال المخرجين المخضرمين..
وعمّا إذا كانت تطمح للوقوف مجدداً على خشبة المسرح أكدت دبسي أن شغفها بالمسرح ما زال على نفس الوتيرة ولم يتغير، لذلك تتمنى الوقوف على الخشبة من جديد في عمل يليق بها ويحكي عن بلدها، وهي حالياً تبحث عن عمل لائق يكون صورة عن الواقع.