مع الاستعداد للعام الدراسي.. أعباء وضغوط اقتصادية ومخاوف من الأمراض والأوبئة
رغم اكتفاء وزارة التربية – كما أعلنت مؤخرا – بالحد الأدنى من المستلزمات المدرسية من دفاتر وأقلام وقرطاسية لبدء السنة الدراسية، وتوزيع الكتب في مدارسها من الصف الأول وحتى التاسع بشكل مجاني، ودعم الكتاب المدرسي لباقي المراحل، وتساهلها بموضوع اللباس المدرسي، يتهيب معظم الأهالي ويتخوفون من بدء عام دراسي جديد مع ظروف اقتصادية استثنائية، ارتفعت فيها أسعار المواد المدرسية بصورة جنونية إذ بات إرسال الطالب للمدرسة يتطلب من الأهل نفقات كبيرة لا تغطيها مداخيل معظم الأسر، وخاصة الموظفين وذوي الدخل المحدود، إضافة لتوجس الأهالي من انتشار وباء كورونا والخوف على أولادهم من إرسالهم للمدرسة في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
أسعار خيالية
وفي جولة لـ”البعث” على محلات القرطاسية وتجهيزات المدارس في محافظة طرطوس، بدت الأسعار مواكبة لموجة الغلاء العامة التي طالت أسعار معظم السلع بعد أزمة الكورونا، وتثقل كاهل أي عائلة سترسل أبناءها للمدرسة إذ يبدأ سعر الدفتر المدرسي من 2000 ل.س فصعودا، والقلم ابتداء من 300 ليرة، أما التجهيزات الأخرى فكانت بشكل تقريبي (قميص 11000- بنطال 12000- حقيبة 15000- حذاء 10000) إضافة لسعر الكتب المدرسية، تعليقات مختلفة تسمعها من الأهالي الذين بدأوا بشراء مستلزمات محدودة لأطفالهم، تقول أم سارة وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية أنها كانت مصدومة تماما عندما عادت من السوق بالأسعار التي صادفتها فما ادخرته لمثل هذه الفترة من السنة لا يكفيها لتجهيز أطفالها وإرسالهم للمدرسة، وتضيف إذا كان مصروف الطفل يصل لـ 40 ألف بشكل تقريبي وبأقل المتطلبات وأدناها، فكيف الحال مع الأشخاص الذين لديهم أكثر من ولد، وكيف الأمر بالنسبة لمن لا يتجاوز مدخوله الشهري الـ 50 ألف، كان الله بعون البشر، في حين رأى حسن حيدر أن إرسال الطفل للمدرسة أصبح ترفا اجتماعيا في مثل هذه الظروف لارتفاع تكاليفه، وعدم جدواه في المستقبل فمعظم الخريجين لا يعملون بشهاداتهم، وحتى من يعمل بشهادته فدخله محدود جدا ولا يوازي التكاليف التي قدمها الأهل في سنوات الدراسة، في المقابل يتحدث بعض الأهالي عن محاولتهم ضغط النفقات بقدر الإمكان، أمام ضغط الأسعار والواقع حيث ستقوم أم وائل بإرسال ابنها للمدرسة بلباس العام الماضي، ومثلها سيفعل أهالي كثر تحدثوا إلينا عن عدم قدرتهم على تجهيز أولادهم حتى بالحدود الدنيا لكنهم مجبرون على التحايل على الواقع بعد أن اختلفت ظروف الحياة التي ألفوها سابقا.
قروض ولكن
في المقابل بدا القرض الذي أعلنت المؤسسة السورية للتجارة ببيع القرطاسية والألبسة المدرسية والحقائب المدرسية للعاملين بالدولة بالتقسيط بقيمة 100 ألف ليرة سورية لكل عامل بالدولة بدون فوائد بابا من أبواب تخفيف الأعباء على ذوي الدخل المحدود حيث سيتم استقبال طلبات البيع بالتقسيط لشراء القرطاسية والحقائب المدرسية فقط اعتبارا من 18-8-2020، بعد أن تم الايعاز لجميع القائمين على عمل الفروع بالمحافظات تقديم كل التسهيلات المطلوبة لأسر وعوائل الطلبة، لكن القرض الذي تم الإعلان عنه بدا مثار أسئلة كثيرة حتى عند المستفيدين منه حيث رأى ابراهيم حسن أن الموظف الذي تحصل على قرض اللوازم المدرسية، سيقضي العام بأكمله بدفع أقساط القرض فالرواتب ضئيلة جدا والمشكلة ليست بتقديم تسهيل على عملية الشراء ولكن بالأسعار المرتفعة، فأسعار السورية للتجارة لا تختلف عن السوق في شيء، في حين تحتج آية محمد على آلية القروض بالقول: ماذا بالنسبة لعامل ذي دخل محدود ولكنه ليس في قطاع حكومي أو تابع للدولة، فزوجي يعمل في محل خضرة وراتبه لا يتخطى الـ ٤٠ الف، لماذا لا يدخل مثل هؤلاء الناس في حسابات أحد، ويرى آخرون أن الحل يكون بتقديم دعم على أسعار المستلزمات المدرسية تكون حقيقية ومقبولة بالنسبة للجميع.
خطر صحي
من ناحية أخرى يبدو الخطر الصحي المحدق بتجمع الطلاب في مدارسهم وزيادة انتشار وباء كورونا عاملا إضافيا للضغط على الأهالي مع بداية العام الدراسي في الأول من أيلول، ورغم التطمينات التي قدمتها وزارة التربية بأن أولويات عملها في الوقت الراهن الحرص على صحة وسلامة الأبناء التلاميذ والطلاب والأطر التعليمية والإدارية، ومتابعة استقصاء واقع البيئة المدرسية في المحافظات جميعها، والعمل على تأمين المتطلبات المدرسية لتكون المدارس جاهزة مع بدء العام الدراسي، إلا أن المخاوف عند الأهالي مشروعة بتساؤلات مختلفة قدمها الأهالي حيث تساءل بعضهم عن الطريق التي سيتم من خلالها شرح الدروس للطلاب فيما لو كان المدرس مرتديا للكمامة، وكذلك بالنسبة لتبادل الدفاتر بين الطلاب، فيما يتحدث بعض الأهالي بقسوة أكبر عن التعامل الصحي في المدارس، والقدرة على ضبط الطلاب فتقول ليال عباس: في فترة مضت التربية لم تكن قادرة على محاربة القمل في المدارس لتكون قادرة على السيطرة على وباء عالمي يفتك بالأطباء والبشر من كل حدب وصوب، وبالنسبة إلي لن أرسل أطفالي للمدرسة حتى تتحسن الأمور، وما زال الكثير من الأهالي يناشدون وزارة التربية ويأملون بتأجيل بداية السنة الدراسية لحين تحسن الأوضاع وتوضح الأمور.
محمد محمود