“اتحاد الفلاحين” يقرّ بخلافه مع الحكومة لجهة الدعم المقدم للفلاح
مع حجم التدمير الكبير والاعتداءات وضرب البنى التحتية للقطاع الزراعي، بقي الفلاحون مصرّين على مواجهة التحديات والصعوبات من خلال تمسّكهم بالأرض والاستمرار بالزراعة، ورغم ضرب أقنية الري التي يشكّل الاعتماد عليها ما نسبته 65%، وتدميرها بشكل ممنهج من قبل العصابات الإرهابية في حلب والرقة ودير الزور، إلا أن الأسواق لم تخلُ من أي مادة زراعية أو غذائية، ما دفع الحكومة لتبني دعم الفلاح بشكل كامل لأنه أساس الاقتصاد والتصدير والقطع الأجنبي، ولأن أكثر من 65% من الصادرات هي صادرات زراعية في الوقت الحالي، وذلك حسب ما أكده رئيس الاتحاد العام للفلاحين أحمد صالح إبراهيم، الذي لم يخفِ وجود اختلاف بالرأي بين الاتحاد والحكومة من ناحية الدعم آنف الذكر، وعلى اعتبار أن الحكومة تدعو إلى دعم الفلاح بالمنتج النهائي، فإن الاتحاد يرى ضرورة تقديم الدعم لمستلزمات الإنتاج، ولاسيما السماد الذي تمّ دعمه بناء على رأي الاتحاد بنسبة 30% من قيمته من صندوق الحكومة، وكذلك تمّ دعم سعر القمح 100% وهناك توجّه لدعم القطن والشوندر السكري والتبغ بنسبة دعم لا تقلّ عن 1000 ليرة للكيلو غرام الواحد، بالتزامن مع تقديم الدعم لبعض المحاصيل الأساسية كالعدس والحمص بـ 15 ألف ليرة للهكتار الواحد على المساحة المزروعة والمرخصة، ودعم الفلاحين من قبل الصندوق بنحو 10 مليارات ليرة لتنفيذ خطة الحكومة.
9 مليارات ليرة!
وفي سياق الحديث عن قطاع الدواجن وما يشوبه من إشكاليات وهموم، اتهم رئيس الاتحاد الحكومة بعدم قدرتها على إيجاد آلية للدعم المزمع والذي حدّدته بـ9 مليارات ليرة كدعم للمربين، مشيراً إلى المباشرة بدعم المستوردات من خلال تخفيض نسبة الضرائب والرسوم على المستوردات، بتخفيض قيمة المواد المستوردة، التي تعدّ أساساً وتغذي قطاع الدواجن (كالذرة الصفراء وفول الصويا) ليتمّ تعديل السعر مما ينعكس إيجاباً على المربين، علماً أن هناك أعداداً كبيرة من المداجن غير المرخصة حتى تاريخه لكنها تعمل، موضحاً في حديث خاص لـ”البعث” أنه سيتمّ العمل على ترخيصها وتبسيط إجراءات الترخيص قدر الإمكان، بالتزامن مع تعديل جدول المقاييس الرسمية لاستلام القمح، حيث تمّ اقتراح تخفيض نسبة الشوائب من 20% إلى 16% لهذا العام، لكن ونتيجة الضغط الذي فُرض على الفلاحين تمّ الرجوع إلى الـ/20%/ نسبة شوائب، لافتاً إلى أن الاتحاد يتطلع إلى خفض نسبة الشوائب إلى 10% فقط “أي يكون القمح مدعوماً”، ولكن الظروف الراهنة لا تسمح بذلك لعدم وجود الغرابيل، إلا أنه عند فتح الصوامع بشكل نظامي وتوفير الغرابيل على مستوى المناطق سيتمّ تنفيذ تطلع الاتحاد ليستفيد الفلاح من نواتج الغربلة ويصدّر للدولة قمحاً درجة أولى ليكون السعر مجدياً للفلاح، لأن وجود أجرام “شوائب” في القمح من شأنه أن يخفض السعر حسب درجة القمح، إضافة إلى دعم محصولي الحمص والعدس على أساس المساحة المنظمة والمزروعة فعلاً، حسب رأي رئيس الاتحاد.
خطط للحد من السمسرة
تطرق إبراهيم عن اعتماد الاتحاد لخطط كفيلة بالحدّ من السمسرة، وخاصة بعد التجربة الأخيرة التي اعتمدت على البيع المباشر من المنتج للمستهلك، وانطلقت من محافظة طرطوس لكسر حلقات السماسرة ولتخفيض السعر، وامتدادها إلى محافظات (حمص، حماة، حلب، وصولاً إلى القنيطرة ودرعا) لبيع جميع الخضراوات بشكل مباشر، حيث تمّ تخفيض السعر بشكل ملفت، والآن بصدد تعزيز التجربة من خلال الجمعيات الفلاحية التسويقية على مستوى القطر المتخصّصة بالإنتاج النباتي والحيواني، لتكون هناك تجارة بينية بين المحافظات، ولاسيما بعد أن شاركت المنظمة الفلاحية في أعمال اللجان الخاصة بوضع الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم 2020– 2021 بما يحقّق الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية وتحقيق أفضل إنتاجية، وتشجيع الفلاحين على تنفيذ الخطة الزراعية للموسم الحالي، بالتزامن مع المشاركة في تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني كتأمين (القروض المصرفية، البذار، الأسمدة، المحروقات، المبيدات، الآليات الزراعية) وفق جدول الاحتياج المعتمد من المصرف الزراعي، وتسهيل وصولها إلى الفلاح بالوقت المناسب ومعالجة الصعوبات التي تواجهها، إضافة إلى مشاركة أعمال اللجان المختصة بدراسة تكاليف الإنتاج، وتحديد أسعار تشجيعية للمحاصيل الزراعية وخاصة (الإستراتيجية والرئيسية) على ضوء تكاليف الإنتاج وصعوبة تأمينها، مع إعطاء الفلاحين هامش ربح مجزياً يتناسب والجهد المبذول.
وشدّد رئيس الاتحاد على الاتحادات الفرعية والروابط والجمعيات الفلاحية بضرورة المشاركة مع الجهات المعنية لمضاعفة الجهود للحفاظ على الغطاء النباتي وزيادة المساحات الخضراء من خلال تنفيذ خطط التشجير المثمر والحراجي المعتمدة، والحدّ ما أمكن من ظاهرة القطع الجائر للثروة الحراجية وتفعيل ودعم طرق حماية الغابات من الحرائق، والتنسيق مع الجهات المعنية لتنفيذ الخطة السنوية للهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية، مع وضع آلية مدروسة لمكافحة التصحر وإعادة إنعاش المحميات الرعوية، ومطالبة الجهات المختصة لتقديم الدعم والخدمات للتجمعات السكانية في البادية (مواد تموينية، مياه، مدارس طرق، خدمات صحية) بما يضمن استقرار السكان في البادية، إضافة إلى التعاون والتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة وغيرها من الوزارات لتنفيذ العديد من الندوات واللقاءات الدورية لنشر التوعية البيئية والحفاظ على المصادر المائية وحمايتها من التلوث، ومتابعة إجراءات تقيّد المنشآت الصناعية بتنفيذ نشاطات معالجة مياه الصرف الصحي واستثمار المياه الراجعة منها، ونشر ثقافة استخدام الطاقات البديلة للحدّ من استخدام مصادر الوقود التقليدية حفاظاً على سلامة البيئة، وتمويل المشاريع بقروض ميسّرة عن طريق المصرف الزراعي.
تأهيل معامل
ولم يغفل إبراهيم أهمية إقامة المنشآت الصناعية التي تعتمد على الإنتاج الزراعي كمواد أولية، وإعادة تأهيل معامل التصنيع الزراعي القائمة التي تضرّرت نتيجة الأعمال التخريبية لاستقطاب أكبر كمية ممكنة من فائض الإنتاج، مع وجود دراسة لإقامة معمل للعصائر الطبيعية في المنطقة الساحلية ساهم الاتحاد بمبلغ /100/ مليون ليرة من تكاليف إنشائه، إضافة إلى التشجيع على الصناعات الريفية الصغيرة لما تحقّقه من إيجاد دخل إضافي للأسرة الفلاحية واستثمار المنتج الزراعي، والتنسيق مع وزارة الزراعة لتشجيع الفلاحين على زراعة المحاصيل البديلة، والتي تعدّ من الزراعات الرديفة المهمّة لبعض الزراعات التي باتت تواجه احتياجاً مائياً كبيراً، ومواجهة تفتت الحيازات الزراعية بفعل الميراث الذي يشكل عاملاً خطراً في تقسيم تلك الحيازات التي يصعب بموجبها مواصلة الزراعات الإستراتيجية التي تحتاج مساحات كبيرة.
حياه عيسى