الظروف المعيشية تفرض نفسها بقوة.. إزالة الإشغالات بين التنظيم وقطع الأرزاق!!
“البعث الأسبوعية” ــ حلب ــ معن الغادري
يتزامن انتشار فيروس كورونا في حلب، عمودياً وأفقياً، مع القيام بحملات نظافة وتعقيم واسعة في معظم أحياء المدينة، بالإضافة إلى حملات يومية من قبل شرطة البلدية لإزالة المخالفات والإشغالات المتوزعة على طول الأرصفة، خاصة في الأسواق الرئيسية، وتحديداً في الأحياء الشرقية من المدينة، وفي حي الجميلية بوسط المدينة، وفي حي سيف الدولة، وشارع التلل التجاري، والعديد من الأسواق المتوزعة في طول وعرض المدينة.
وتهدف هذه الحملات إلى إعادة تنظيم وترتيب الشوارع والساحات والحفاظ على نظافتها ورونقها – كما يقول مدراء القطاعات الخدمية في مختلف المناطق – ويندرج ذلك ضمن الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا والتخفيف من حدة انتشاره.
لا بدائل
المتضررون من هذه الحملات اليومية من بائعين جوالين وأصحاب بسطات يقولون أن هذا الإجراء التعسفي تسبب بقطع أرزاقهم، خاصة مع عدم وجود بديل، ما جعلهم عاطلين عن العمل في ظل تزايد الحاجة والأعباء المعيشية اليومية، ويطالبون الجهات المعنية بتنظيم ساحات وأسواق خاصة لهم سواء ضمن المدينة أو على أطرافها.
أصحاب البسطات والعربات الجوالة في حي الشعار أشاروا خلال تواصلهم مع “البعث الأسبوعية” إلى أنهم يمتهنون البيع المباشر من خلال البسطات والعربات الجوالة في السوق المخصص للحي منذ سنوات طويلة، وهو بالنهاية سوق من الأسواق الشعبية، ويشكل مصدر رزقهم وعيشهم، متسائلين: ما الذي تغير الآن في مثل هذه الظروف الصعبة والضائقة الاقتصادية التي نعيشها جميعاً؟
يقول بائع صودرت بضاعته وعربته: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، وبدلاً من منعنا من تحصيل لقمة عيشنا بالحلال، كان الأفضل تنظيم السوق من قبل مجلس المدينة ووضع ضوابط للعمل تراعي شروط النظافة وغيرها!!
ويرى زميله أن هذا الإجراء “من شأنه أن يزيد معاناتنا المعيشية”، داعياً الجهات المعنية إلى إيجاد أماكن خاصة لهم ضمن مناطقهم، وما ينسحب على سوق حي الشعار ينطبق على باقي المناطق في المدينة مع اختلاف جذري في التعامل والإجراءات، والتي غالباً ما تكون رخوة، وخاصة في حي الجميلية الحيوي وسط المدينة، والذي لم تنجح كل الجهود والشكاوى في ضبطه، حيث تنتشر البسطات والعربات الجوالة على كامل جغرافية الحي، الأمر الذي يؤدي إلى اختناقات مرورية خاصة في ساعات الذروة.
يقول أهالي الحي: بالرغم من الشكاوى اليومية إلا أن الحال لم يتبدل، بل على العكس يزداد سوءاً في ظل تراخي مجلس المدينة بقمع المخالفات وإزالة الإشغالات.
ويشير أحد سكان الحي إلى أن دوريات شرطة البلدية لا تقوم بمهامها كما يجب، ويرتبط معظمهم بعلاقات “جيدة” مع أصحاب البسطات والعربات الجوالة الذين “يدفعون المعلوم”، صباح كل يوم، أو أسبوعياً، والبعض يدفع المعلوم شهرياً.
مجلس المدينة
المعنييون في مجلس المدينة برروا حملاتهم اليومية بأنها استجابة لشكاوى المواطنين وسائقي السيارات والأطباء والمحامين وعدد كبير من أصحاب المحال التجارية المرخصة أصولاً والمتضررة من تواجد البسطات أمام محالهم، بالإضافة إلى ما تحدثه هذه الفوضى من ازدحام وتشويه للمنظر العام وإزعاج للأهالي والمارة، ناهيك عن الضرر الكبير الذي تسببه هذه التجمعات كونها أرضية خصبة لانتشار فيروس كورونا ونقل العدوى.
أسواق بديلة
يوضح مكتب العلاقات العامة في مجلس المدينة أن المجلس يعمل وفق خطط مدروسة، ووفق الإمكانات المتاحة لإعادة تنظيم المدينة والحفاظ على نظافتها وتنفيذ المشاريع المقررة من تزفيت الشوارع وتأهيل المرافق العامة والساحات والأرصفة وغيرها من المشاريع التي تعيد النضارة إلى المدينة.
وبما يخص إقامة الأسواق الشعبية، فقد عمد مجلس المدينة – بالتنسيق مع مجلس المحافظة – على إنشاء أسواق شعبية “بازارات” في معظم أحياء حلب خصصت مجاناً بعد تجهيزها للبائعين الجوالين للبيع المباشر دون وسيط، ولكن لم يتقيد البائعون بالتواجد ضمن المساحات المحددة، ما دفع المجلس إلى اتخاذ الإجراءات المطلوبة لقمع المخالفات وذلك حرصاً على نظافة المدينة وإنهاء حالة الفوضى الحاصلة في الأحياء والشوارع الرئيسية، ودعا مجلس المدينة الجميع للالتزام بالبيع ضمن المساحات والأسواق الشعبية المخصصة، وذلك تجنباً لاتخاذ الاجراءات بحق المخالفين.
أخيراً
مع استمرار حملات مجلس المدينة اليومية بإخلاء الشوارع والساحات والأرصفة من الإشغالات، نتمنى أن يكون التعاطي مع هذا الملف بمعيار واحد، ومع الجميع على قدم المساواة، وأن لا يكون هناك استثناءات كما يحدث في وسط المدينة بحي الجميلية، وأن يترافق ذلك مع حملات مشابهة تسهم في تخفيف التجمعات والازدحام خاصة على أبواب الأفران ومنافذ السورية للتجارة، وفي المتنزهات الشعبية المكتظة خلال أيام العطل الرسمية، وهو ما يجب أن يتنبه إليه مجلس محافظة حلب الذي ما زال غارقاً في سباته العميق، وبمنأى عما يحدث ويجري على أرض الواقع، سواء بما يخص الإجراءات الخجولة للتصدي لفيروس كورونا، أو بما يتعلق بالأسواق والأسعار الملتهبة يومياً والتي أحرقت جيوب المواطنين وأثقلت كاهلهم.