“العدالة العمياء” من رمز المساواة إلى حجة للتجاهل.. و”العدل” تغمض عينيها عن كورونا
دمشق – ريم ربيع
تحت ملاءة “حماية مصالح المواطنين” تصرّ وزارة العدل على تجاهل تفشي فيروس كورونا في محاكمها وبين إداراتها. وبدل أن تكون العينان المعصوبتان في رمز العدالة دليلاً على المساواة والحكم بالعدل، بات تعبير “العدالة العمياء” أكثر قرباً إلى التجاهل المقصود، فاليوم تصرّ الوزارة ألا ترى ما يحدث في أروقتها، وهي تظهر في كل مرة بهيئة العاجز عن اتخاذ أي قرار قد يضرّ بمصالح المواطنين وليس “حياتهم”، إذ تجاوز عدد وفيات المحامين بالفيروس 26 محامياً، فضلاً عن عشرات الإصابات، أما الوزارة فلم تعلن عن عدد الإصابات بين القضاة، إلا أن من يزور المحاكم يدرك أنهم ليسوا بمعزل عن الإصابة.
الوزارة رفضت العطلة القضائية، كما رفضت المعذرة الجماعية للمحامين، وهو أمر قد يكون منطقياً على اعتبار أن عطلة مؤقتة في مؤسسة واحدة فقط لن تغيّر شيئاً في المنحى التصاعدي للفيروس، وستعود الأمور إلى الوضع نفسه وأسوأ بمجرد عودة العمل، ولن تجني المحاكم شيئاً سوى تراكم آلاف القضايا وتضاعف الازدحام بعد العطلة، إلا أن هذا لا يبرّر العجز الظاهر في اتخاذ أي إجراء يحمي القاضي والمحامي والموظف والمراجع، والمحاولة المتواضعة لإلزام كل من يدخل القصر بارتداء الكمامة لم تؤتِ أُكُلها، حيث بات أمراً شكلياً على باب الدخول أو أمام الموظف فقط. وكان قد اشتكى عدة قضاة سبق والتقيناهم من مرافقي المراجعين الذين يشكلون السبب الرئيسي في الازدحام، حيث يدخل المراجع أو الشاهد أو أحد أطراف الدعوى إلى القصر يرافقه عدد من أفراد أسرته وأصدقائه لا لسبب سوى التسلية!، وهو أمر لم يعد مقبولاً في الظروف الحالية، فوفقاً لأحد القضاة يشكّل مرافقو المراجعين نصف عدد زائري القصر تماماً، وهناك اقتراحات عدة بضبط هذا الأمر عبر تحديد وزارة العدل لمن يسمح له الدخول إلى القصور العدلية.
معاون وزير العدل القاضي تيسير الصمادي اعتبر أنه من الصعوبة تحديد عدد مراجعي المحكمة ومعرفة من له دعوى، لأن المحاكم لا تعطي إشعاراً من هذا النوع، وهي غالباً محاكم علنية وفق القانون لا يمكن منع الناس من دخولها، ولا يمكن مخالفة القانون وجعلها محاكم مغلقة حتى لو كانت الظروف استثنائية، مضيفاً أن المسألة هي ثقافة عامة وعلى كل شخص حماية نفسه واتخاذ الإجراءات الممكنة، والوزارة من جهتها مستمرة بإجراءات التعقيم وعدم قبول أي مراجع من دون كمامة، كما يوجد دوريات في المحاكم على مدار الدوام، فهناك 10 آلاف مراجع يومياً في عدلية دمشق وفقاً للصمادي، ومما يزيد الطين بلة أن المحاكم دون استثناء غير مهيأة لاتباع إجراءات التباعد أو التنظيم، وخاصة بعض محاكم دمشق التي يفترض أن وجودها في سكن طلاب معهد القضاء مؤقتاً ريثما تنتهي صيانة المحاكم الأساسية، وهي بالكاد تتسع للقاضي والكاتب وأطراف الدعوى والمحامين، فضلاً عن الممرات الضيّقة التي تكتظ طيلة ساعات العمل، فإن كان قرارا استمرار العمل أو إيقافه أمرين أحلاهما مرّ، فخير الأمور أوسطها في اتخاذ ما يمكن من إجراءات ومحاولات جدية لضبط المراجعين والمحاكم.