رهف شيخاني: الفلوت والهارب بعزف منفرد لأول مرة في سورية
يستعدّ الثنائي الموسيقي طارق حاتم (فلوت) ورهف شيخاني (هارب) لإطلاق مشروعهما “ثنائي رابسودي” في دار الأوبرا – مسرح الدراما اليوم الخميس في الثامنة مساء، وهي المرة الأولى في سورية التي يظهر فيها ثنائي الفلوت والهارب في حفل منفرد. وتتمنى الفنانة رهف شيخاني في حوارها مع “البعث” أن يترك حفل الانطلاقة أثراً إيجابياً لدى الجمهور الذي تعده بتقديم برنامج موسيقي بسوية ما يُقدم على خشبات المسارح العالمية من ناحية الصعوبة الموسيقية والتقنية وانتقاء الأعمال ومستوى الأداء، والذي تطلَّب تدريبات مكثفة من قبلها وطارق حاتم لتقديم الأعمال بالشكل الأفضل، مشيرة إلى أن برنامج الحفل متنوّع وهو لمؤلفين من عصور وبلدان مختلفة، لكن ما يجمع هذه الأعمال أنها عبارة عن رقصات “فالس، فلامنكو، تانغو” تناولها المؤلفون بأساليبهم المتنوعة في التأليف.
ثنائي الفلوت والهارب
وتبيّن شيخاني أنها وطارق حاتم حريصان على إقامة حفل موسيقي يتضمن مجموعة من الأعمال التي تظهر الأساليب المختلفة التي يستطيع ثنائي الفلوت والهارب تقديمها، لتكون الأولوية بالنسبة لهما تعريف الجمهور بهاتين الآلتين المتميّزتين وعلاقتهما الوطيدة التي ظهرت في أعمال عديدة جمعتهما في كل العصور، وهي تعد الجمهور بأمسيات أخرى قادمة على سوية عالية من الاحترافية الموسيقية، موضحة أن الشراكة الموسيقية بينها وبين حاتم ليست جديدة، حيث بدأت عن طريق عملهما معاً في أوركسترا السيمفونية الوطنية السورية وأدائهما لعدة أدوار ضمن الأعمال الأوركسترالية كـ (عازف أول)، لتأتي الخطوة الأكبر وهي عزفهما المشترك كمنفردين مع الأوركسترا لكونشيرتو الفلوت والهارب لموزارت والذي أكد أنه لديهما الإمكانية لإنجاح هذا المشروع، مع إشارتها إلى أن أهم العناصر التي تساهم في نجاح العمل الموسيقي هي الاتفاق والتفاهم بين العازفين والشغف تجاه الموسيقى والالتزام والعمل الدؤوب، فدون توفر ذلك لا يمكن أن ينجح أي عمل، وهو ما توفر لدى شيخاني وحاتم.
ثنائي عالمي
تؤكد شيخاني أن ثنائي الفلوت والهارب متعارف عليه عالمياً بسبب تكامل وتجانس الألوان الصوتية لهاتين الآلتين، مما شكّل شراكة متينة بينهما ودفع الكثير من المؤلفين للكتابة لهما، إما بفرد مساحات مهمّة لهما معاً ضمن الكثير من الأعمال الأوركسترالية أو في مجموعات موسيقى الحجرة، أو كآلتين تعزفان بشكل منفرد تماماً، فآلة الهارب كما تبيّن شيخاني تتمكّن من اتخاذ دور العازف الرئيسي المنفرد، كما تتمكّن من التحول إلى مرافق لآلة الفلوت حين يكون الدور الرئيسي من نصيبها، موضحة أن هذه الآلة تمكّنت خلال القرن العشرين من أن تتطور لتستطيع أداء كل الأدوار الموسيقية عن طريق ميكانيكية معقدة، لكنها ناجحة لتواكب متطلبات المؤلفين مما شجعهم على التأليف لها بشكل أكبر بكثير. ويؤسف شيخاني أن عدد العازفين على آلة الهارب في العالم مازال قليلاً، وهو في سورية أقل بكثير لأن الآلة دخلت إليها ليتمّ تدريسها سنة ١٩٩٠ مع افتتاح المعهد العالي للموسيقى، لذلك هي آلة حديثة العهد ومازالت مجهولة بالنسبة للكثيرين، في حين أن قلّة عازفي الهارب عالمياً تعود لأن لديها فرص عمل أقل بالمقارنة مع آلات أخرى كالكمان مثلاً، ففي أوركسترا واحدة يطلب ما لا يقل عن ١٦ عازف كمان بينما تكتفي الأوركسترات بعازف هارب واحد أو اثنين في أحسن الأحوال، إلى جانب أنها آلة مكلفة وصعبة التحريك، وبالتالي يتفادى الأهالي عادة تشجيع أطفالهم على التوجّه إليها. وترى شيخاني أن الموسيقي عندما يكون لديه شغف بآلته وبالموسيقى عموماً ولديه الإرادة الكافية سيستطيع خلق فرص عمل لنفسه، وسيتمكّن من إيجاد الحلول لتذليل كل الصعوبات التي قد ترتبط بطبيعة الآلة، منوهة، وهي التي عزفت مع العديد من الأوركسترات في العالم ومع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية التي تقدّم الأعمال المؤلفة باللغة الموسيقية العالمية، حتى وإن كانت لمؤلفين سوريين أو عرب، بأن دور آلة الهارب في الفرقة السيمفونية الوطنية السورية مماثل لدورها في الأوركسترات العالمية، مع إشارتها إلى أن آلة الهارب لم تدخل حتى الآن في صلب الموسيقى الشرقية لأن ميكانيكيتها لا تستطيع أداء الربع بعد كما العود والقانون.
مشروع التعليم الموسيقي
وعن مشروع التعليم الموسيقي على آلة الهارب والذي أطلقته منذ فترة، تبيّن شيخاني أن المشروع التعليمي هو مشروع يهدف لتحضير عازفي هارب محترفين، ويستهدف بشكل أساسي من هم بين الـ ٦ سنوات والـ ١٨ سنة ومن المفروض العمل به مع بداية العام الدراسي القادم، بحيث يكون لدى الطالب ليس فقط دروس على الآلة وإنما دروس أخرى تنمي ثقافته الموسيقية ومعرفته بتفاصيل الآلة والأدوار المسندة لها مع تأمين ساعات كافية للتمرين تساعده على التطور، خاصة وأن الطلاب حالياً ليست لديهم هذه الآلة في منازلهم، ويؤسفها أن الظروف الحالية من وباء وعقوبات على سورية جعلت الإنجاز على هذا الصعيد أكثر صعوبة، إلا أنها تؤمن أن لا شيء مستحيلاً، وأن كل ما هو مطلوب بعض الصبر والديناميكية وستأتي الحلول، موضحة أنها وخلال فترة الحجر قامت بتجربة مع طالباتها في معهد صلحي الوادي وبدأت بإرسال فيديوهات ومقالات ليطلعن عليها، كما عملت معهن بشكل مطول عبر مكالمات الفيديو على حلقة بحث تعمقن فيها بحياة المؤلف هاندل وأعماله، وخاصة عمله الذي كتبه لآلة الهارب وكانت تجربتهن الأولى في البحث، مؤكدة أنه كان عملاً متعباً بالنسبة لهن، لكن النتيجة أعطتهن رضا وحماسة كبيرين كما ساعدتهن في التعمّق بالآلة وفهمها بشكل أكبر.
وأشارت شيخاني إلى أن الصعوبات الحالية والتي تعيق السير قدماً في هذا المشروع تكمن في الوباء والعقوبات، لأن كل ما تحتاجه الآلة من قطع تبديل أو أوتار غير موجود في سورية، وبالتالي لابد من طلبه من الخارج وهو أمر غير ممكن حالياً، وعدا عن ذلك فإن كل الصعوبات هي أمور يمكن التغلّب عليها.
يُذكر أن رهف شيخاني حاصلة على إجازة في الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى عام 2004 ودبلوم تدريس العزف على آلة الهارب بأكاديمية الموسيقى في بولونيا عام 2016 وماجستير في الأداء على آلة الهارب من كونسيرفتوار سانتا تشيتشيليا في إيطاليا عام 2019 إضافة للمشاركة بعدّة ورشات عمل اختصاصيّة مع عازفي هارب عالميين، وهي اليوم مدرّسة لآلة الهارب في المعهد العالي للموسيقى وفي معهد صلحي الوادي للموسيقى، ولها مشاركات كعازفة منفردة مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، كما شاركت في عروض مع أوركسترا عالميّة، منها أوركسترا كراكوف الفيلهارموني وأوبرا كراكوف في بولونيا وأوركسترا “WDR” في ألمانيا وغيرها.
أمينة عباس