حوارية “الفلوت والهارب” في أمسية موسيقية في الأوبرا
حوارية سحرية جمعت بين اللحن البراق المنبعث من مفاتيح الآلة النفخية وبين أوتار الهارب المختلفة بأبعادها ومستوياتها الموسيقية الشبيهة بالبيانو، هيمنت على أجواء أمسية “ثنائي رابسودي” في دار الأوبرا بمشاركة رهف شيخاني على الهارب وطارق حاتم على الفلوت لأول مرة في سورية بأجواء بعيدة عن الأوركسترا، وأظهرت الأمسية دور الهارب والفلوت بعزف أنماط موسيقية مختلفة لرقصات الفالس والفلامنكو والتانغو، كتبها مؤلفون معاصرون من بلدان مختلفة “فرنسا- ألمانيا- بولونيا – أمريكا- الأرجنتين” بأساليب مختلفة”، وبيّنت قدرة كل من الآلتين على تطويع ألحانها لعزف هذه الرقصات. وجاءت الافتتاحية للمؤلفة الفرنسية de grandval-1828-1907- بمقطوعة فالس” melancolique” ضمن النمط الموسيقي الهادئ الرقيق المألوف لجمهور الأوبرا للفلوت والهارب برومانسية نغمات الفالس. وأخذ الفلوت اللحن الأساسي بمرافقة نغمات الهارب بمسار هادئ في مقطوعة ” entr acte” للمؤلف ibert , j.1890- 1960 تميزت بالجمل القصيرة المتناوبة بينهما.
ورغم جمالية اللحن المركب بين الآلتين إلا أن جمالية العزف المنفرد لكل آلة بدا الأقرب إلى الجمهور الذي استمتع بالانطباعات الموسيقية لكلا العازفين باستخدامات أبعاد الآلة ومستوياتها في زمن واحد، فشدت شيخاني الجمهور بمقطوعة الصولو لرقصة الفلامنكو للمؤلفة الأمريكية d.henson-conant-1953 -وكما ذكرت شيخاني هي مقطوعة قديمة أضافت إليها المؤلفة من ألحان الفلامنكو الحديثة- إذ بدأت بلحن راقص حيوي وجذاب وبعيداً عن ألحان الهارب المعروفة عبر مستويات صوتية مختلفة باستخدامها أغلب أوتار الهارب بدلاً من استخدام قسم منها، ووقوفها عند فواصل صغيرة في مواضع تقترب من نغمات البيانو، مضيفة تأثيرات موسيقية، منها ضربات اليد اليسرى على صندوق الهارب الخشبي، وفي التسارع اللحني لتسارع الخطوات الراقصة تستخدم الضربات القوية مع النغمات السريعة، وبدت هذه اللوحة الموسيقية مثيرة تحرض فكر المتلقي على تخيل رقصة الفلامنكو الشهيرة.
وتابع طارق حاتم الصولو المنفرد للفلوت بمقطوعة etude virtuoso no.1 للمؤلف k.zgraja-1950 باستخدام أبعاد لحنية متعددة من خلال مفاتيح الفلوت الصغيرة، وتميزت باستخدام حاتم الصوت الضخم للآلة بنغمة القفلة.
المحور الأساسي في الأمسية كان بموسيقا التانغو وبيازولا الأرجنتيني ورحلته الموسيقية ابتداء من تانغو الصالونات –الفالس- وتانغو الميلونغا والتانغو الحديث الأكثر شهرة- نيوفو- بعزف ثلاث مقطوعات أظهرت تطورات تاريخ التانغو، فبدت أقرب إلى رواية موسيقية مؤلفة من ثلاثة فصول، المقطوعة الأولى bordel-1900 أخذ فيها الهارب دوره بمساحة كبيرة ليذكرنا بألحان الأكورديون والبيانو للتانغو الذي عزفته أوركسترات مختلفة على مسرح الأوبرا، بينما المقطوعة الثانية café -1930، بدأت بنغمات الهارب البطيئة والشفافة كأنها همس الذكريات ثم بتسارع اللحن مع الفلوت، وفي المقطوعة الثالثة ight club-1960 يعود الهارب إلى ألحانه البراقة والسريعة لتجمع بين تانغو الفالس والتانغو الحديث “نيوفو”.
ملده شويكاني