السنوات تمر والمعاناة تستمر..آن الأوان لحل المشكلات الطلابية العالقة
غريبة وعجيبة الآلية التي تتعامل بها وزارة التعليم العالي مع قضايا الطلبة، فلغة التسويف والتريث والتأجيل تسري في عروق مديرياتها، التي تعمل وكأنها مكبّلة اليدين!.
مبعثُ هذا الكلام ما كشفت عنه مقترحات وتوصيات المؤتمر العام الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة سورية الذي عُقد مؤخراً، حيث بدت الصورة واضحة لهذه اللامبالاة، فكان هناك مطالب عمرها أكثر من عقد، عدا عن معاناة الطلبة في أكثر من مطرح، دون أن تتحرك “التعليم العالي” أو إدارات الجامعات لإيجاد الحلول ولو في حدودها الدنيا.
إدارة وإرادة..
في المعهد العالي للتنمية الإدارية بجامعة دمشق علّق طالب ماجستير على هذه الحالة بالقول: “لا غرابة في الأمر، فنحن نحتاج لإدارة تعليمية مبدعة لديها الإرادة القوية القادرة على تشخيص المشكلات ومداواة المعاناة”، مضيفاً: “مشكلات طلاب الجامعات وأساتذتها لا تحلّ بالترحيل والتأجيل لسنوات قادمة، أو بعقلية ينقصها بعد النظر الاستراتيجي”!.
24 توصية ومقترحاً
الملفت للانتباه أن هناك 24 توصية ومقترحاً في التقرير الأخير للمؤتمر المذكور، أغلبها مكرّر في مؤتمرات سابقة، رغم أهميتها وضرورة الإسراع في حلّها نظراً لآثارها السلبية على الطلبة بشكل خاص والمنظومة التعليمية بشكل عام، والمؤسف أن المبررات التي تسردها “التعليم العالي” وإدارات الجامعات غير مقنعة لجهة التأخّر في الحل، فالطلبة ملّوا من عبارة “القوانين والأنظمة لا تسمح”، متسائلين: لماذا لا تعمل الوزارة على تعديل القوانين التي تخدم المنظومة التعليمية وتحقق مصلحة الطلبة؟!.
نريد مرونة أكثر
عماد العمر عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الطلبة، رئيس مكتب الدراسات، طالب وزارة التعليم العالي بأن تكون أكثر مرونة في حسم الكثير من القضايا والمطالب العالقة، وبرأيه آن الأوان لتصويب واقع التعليم في الجامعات السورية، الحكومية منها والخاصة، وخاصة لجهة أعداد الطلاب في الكلية الواحدة (الآداب، التربية، الحقوق وغيرها..) لتكون متوافقة مع المعايير والمقاييس الأكاديمية العالمية.
“العمر” بيّن أن توصيات المؤتمر أشارت إلى قضايا عالقة لم يُؤخذ بها قرار بالحل المناسب، بعضها ورد في توصيات مؤتمرات سابقة، متسائلاً: لماذا هذه اللامبالاة بالتعامل مع قضايا الطلبة؟.
أهم القضايا العاجلة
وحول أهم القضايا التي تمّ التركيز عليها، بيّن العمر أن هناك العديد من القضايا تمّ التأكيد على حسم أمرها سريعاً، كضرورة تصويب التعليم المفتوح لجهة تحقيق الهدف الذي أُحدث من أجله، مع المطالبة بإحداث جامعة تهتمّ بشؤونه، وضرورة تعديل وتطوير الأنظمة والقوانين الجامعية، وأهمها قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية والقانون الموحد للمشافي الجامعية. وأضاف العمر: كان هناك إجماع طلابي بضرورة إعادة النظر في الامتحان الوطني الموحد وتصويب مساره من خلال وضع أسس ومرتكزات علمية حقيقية تجعل منه امتحاناً عادلاً، وليس معرقلاً للطلبة!.
معايير علمية عادلة
وبحسب قول –العمر- كان هناك اهتمام بقضايا طلبة الدراسات العليا الذين تعرّضوا للظلم نتيجة صدور العديد من القرارات في غير مصلحتهم، حيث شدّد الطلبة على الإسراع بإعادة النظر بآلية القبول والتسجيل في الدراسات العليا، خاصة درجة الدكتوراه، بحيث تكون هناك معايير علمية دقيقة تحقّق العدالة للجميع، بعيداً عن المحسوبيات والمزاجية، مع ضرورة التوسّع المدروس في الدراسات العليا لجميع التخصّصات، وإعادة النظر بسنة الامتياز لجهة تطبيقها على خريجي الدراسات، والمطالبة بالاستفادة من الأبحاث والدراسات التي يقوم بها طلبة الدراسات في مشاريع الجهات الحكومية، إذ من غير المقبول أن تبقى حبيسة الأدراج!.
وتساءل عضو المكتب التنفيذي: لماذا لا يوجد في وزارة التعليم العالي مركز مؤتمت للدراسات العليا يرتبط إلكترونياً بالجامعات والمعاهد العليا يؤمن الحصول على ورقة “غير مطروق” للبحث المراد تسجيله، مشيراً إلى أن ذلك كان مقترحاً أُدرج في توصيات المؤتمر. ولفت العمر إلى أن اتحاد الطلبة طالب الوزارة بالإسراع في تشكيل لجنة لدراسة مقترحات وتوصيات المؤتمر: “هناك مطالب مشروعة وقضايا عاجلة لا تحتمل التأجيل والتسويف وعلى وزارة التعليم أن تكون مدركة لذلك حرصاً على منظومتنا التعليمية”.
من يسمع صوتهم؟
طلبة كلية الطب استغربوا المماطلة في تعديل القوانين والأنظمة الخاصة بطلبة الدراسات، خصوصاً فيما يتعلق بالعمل خارج أوقات دوامهم ومناوباتهم ومشاركتهم في العمليات الجراحية المأجورة: “هناك ظلم كبير يلحق بنا.. نريد حلاً عادلاً ومنصفاً لجهودنا”.
هل سيتحقق هذا المطلب؟
افتتاح التعليم المسائي في الجامعات كان مطلباً خلال السنوات الماضية لكنه توقف بسبب ظروف الحرب، اليوم مع عودة الأمان طالب عدد من الطلبة بالتعليم المسائي من أجل تخفيف الضغط عن الجامعات. وبرأيهم أن ذلك سيكون في مصلحة العملية التعليمية، فهل سيتحقق هذا المطلب؟، علماً أن افتتاح التعليم المسائي كان أحد المطالب في توصيات المؤتمر العام الأخير للطلبة.
صوت بلا صدى!
يبدو أن صوت طلبة المعاهد التقانية لم تصل أصداؤه بعد للمعنيين، إذ ما زال الطلبة يتخوفون من سقوط سقف القاعة عليهم، حيث يوجد أكثر من معهد آيل للسقوط بسبب قدم البناء، وبالرغم من أن هذه المشكلة قديمة والمطالبة بحلها عبر الكتب والمراسلات لم تعد الأدراج قادرة على حملها، لكن لا حياة لمن تنادي!، فمتى يحلم طلبة المعاهد بمقرات حديثة فيها كل متطلبات الدراسة النظرية والعملية؟.
هذا غيض من فيض المطالب المشروعة لطلبة الجامعات، الذين يحلمون بعودة التألق لجامعاتنا لتحتل مراتب متقدمة عربياً وإقليمياً وعالمياً، فاليوم لم يعد مقبولاً أن نرى سمعة تعليمنا تتأذى ومستواه يتراجع على خلفية فساد إداري بات مفضوحاً نتيجة افتقاد المعايير والأسس العلمية الصحيحة، سواء على صعيد القبول الجامعي أو اختيار المفاصل الإدارية، والآلية المملة في التعامل مع متطلبات التعليم العالي!.
غسان فطوم