الأمان “بالتأمينات”
لم يستطع الكلام والوعود الحكومية المتتالية المتعلق بدعم موقف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لتحصيل ديونها المتراكمة وحتى تلك المتفق على جدولتها، أن يجد طريقة للتطبيق، فجملة المساعي الطويلة لتأمين مئات المليارات من الليرات ديون، باءت بالفشل، في ظل آمال عريضة للاستثمار فيها وتعزيز المركز المالي والمساهمة بتقديم خدمات ومزايا أفضل للمشملين بمظلة التأمينات.
يمكن القول حقيقة أن مؤسسة كهذه استطاعت تحقيق ريعية لصناديقها، وأرباح رأسمالية كبيرة تجاوزت قيمتها بأضعاف، مع الإصرار على الاستمرار بعملية الاستثمار عبر دراسة وضع هذا الملف والبدائل المتاحة على أسس تضمن ريعية آمنة من خلال تشكيل لجنة استثمار لإعداد رؤية حول آلية استثمار موارد المؤسسة، ليصار فيما بعد إلى التوصل لاقتراح تأسيس “شركة مساهمة مغفلة خاصة” لإدارة الاستثمارات وفق أحكام قانون الشركات النافذ.
لقد منح القانون /78/ لعام 2001 المؤسسة إمكانية استثمار /50%/ من فائض أموالها في مجالات تضمن ريعية استثمارية استناداً لدراسة الجدوى الاقتصادية، وبما يضمن درجة أمان استثماري، ليأتي القانون /3/ لعام 2005 الذي أعطى المؤسسة الحق باستثمار كامل فائض أموالها وصدور نظام للاستثمار بالقرار /87/ لعام 2003 المتضمن (نظام استثمار فائض أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية) ليتبعه القرار/970/ لعام 2003 والقرار /1787/ لعام 2015 ليحدد مجالات الاستثمار والتي تضمن الإيداع النقدي لدى المصارف وشراء شهادات الاستثمار، إضافة إلى شراء العقارات وإنشاء مساكن شعبية، والمساهمة في مشاريع وطنية، والإقراض والمشاركة في أسهم الشركات والمؤسسات والمصارف بالتزامن مع المساهمة في إنشاء واستثمار العقارات والمولات التجارية والجامعات الخاصة… وجاء قصدنا من التعدادات السابقة إظهار ماتقوم به مؤسسة تعامل معاملة الخدمية، ولكنها في الحقيقة تمارس دوراً اقتصاديا تمويلياً واستثمارياً من العيار الثقيل، فلماذا لا تحول لشركة اقتصادية إنتاجية حكومية بامتياز، تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على قيمة الفوائض للوفاء بالالتزامات المستقبلية وتحسين المزايا التأمينية للمستفيدين من النظام التأميني.
في حقيقة قيم الأصول المالية الثابتة والمتحركة وطبيعة نشاطاتها، نحن أمام مؤسسة مدرارة ومصانة يمكن التعويل عليها كثيراً من حيث خدمة المؤمنين وتأمين عوائد مالية مهمة لخزينة وصناديق الدولة السيادية، وما على الحكومة الجديدة بسلال ملفاتها العديدة إلا أن تولي هذه المؤسسة المزيد من الاهتمام والتعبئة الإدارية والمالية والمؤسساتية لجعل ” التأمينات الاجتماعية ” نموذج يحتذى لمؤسسة تملك ذاك الرصيد البنكي والكبير المتمثل بأموال العاملين والمتقاعدين، وكذلك تلك العوائد التي تحول المليارات للخزينة من شراكات بنكية تأمينية واستثمارية وعقارية لا يستهان بها .
علي بلال قاسم