خطاب الرأي العام؟!
تستدعي الأحوال والظروف الحالية بتحدياتها المتعدّدة ضرورة التغيير المتسارع في أساليب المواجهة، وتفعيل التشاركية بكل اتجاهاتها، للحدّ من التدهور الحاصل في الحياة المعيشية، وإيقاف دولاب الأزمات الذي يهدم جسور الثقة بين المواطن والجهات التي تقع على عاتقها مسؤولية النجاح في الامتحان وتذليل المنغصات التي تتضخم نتيجة غياب المعالجات الحقيقية والفاعلة.
وقد يكون من الخطأ التقليل من الجهود التي تُبذل من قبل المؤسّسة التنفيذية والحكم عليها بأنها بيادر خالية الغلال، كونها لا تحصد النتائج المرجوة منها لضآلة العائدية الاقتصادية التي يمكن أن يلمس منها المواطن التحسّن المطلوب، ولتعثر الخطوات التي تشكّل أهم معيار للأداء المؤسساتي، فكلما كان هناك تقدم إيجابي كان هناك ارتفاع في مقياس الرضى الشعبي.
وهنا لا بد من التوقف والتأكيد على فاعلية التواصل الإعلامي في اتجاهين وليس في اتجاه واحد، حيث لا يتمّ الاكتراث برجع الصدى الذي يمثّل حقيقة موقف الشارع حيال ما يُتخذ من قرارات أو ما يتمّ تنفيذه على صعيد العمل الحكومي.
ومن المؤسف أن يتمّ تغييب الرأي العام عن الساحة رغم أهميته في تصويب أي توجّه أو نهج اقتصادي معيشي، وخاصة مع ضعف قنوات الاتصال الوزاري مع الناس، وهذا ما يؤدي إلى اتساع الفجوة رغم كل ما تقوم به الحكومة، فهناك مثلاً عشرات التشريعات والقرارات التي أصدرتها خلال الفترة الماضية، والهادفة إلى دعم الواقع المعيشي والحياة العامة وتحفيز الاستثمار الصناعي وإعادة ألقه، بما ينسجم مع رؤية جعل الإنتاج العصب المحرك لعجلة الاقتصاد الوطني، ولكن لم تجد التفاعل أو الحضور عند المواطن الذي بات يتبنى القرارات المسبقة على أي قرار يُتخذ مهما كانت نتائجه.
فعلى الرغم من أن الخزينة العامة خسرت جزءاً من وارداتها عبر هذا التخفيض للرسوم الجمركية، مقابل أن تدعم الصناعة المحلية وقدرة الموطن الشرائية وزيادة فرص التشغيل والعمل لليد العاملة، إلا أن هذا الإجراء لم يوفق في إقناعه بإيجابية ما تمّ، وطبعاً كل ما يدور اليوم، سواء في أروقة المؤسسات وقاعات اجتماعاتها أو في أحاديث الناس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويبحث عن الأسلوب أو الطريقة التي يمكن من خلالها ترجمة انعكاس هذه القرارات على يوميات المواطن ومعيشته.
وهنا نؤكد على الشفافية والمصداقية كبوابات نشطة لترميم العلاقة والثقة وتقريب وجهات النظر، ومن ثم إيجاد نقاط التقاء توحّد الجهود وتدعم القرارات المتخذة، ولذلك المطلوب من الحكومة الجديدة تجديد خطابها واقترانه بوقائع حقيقية موجودة ويعيشها المواطن بشكل فعلي، سواء أكانت سلبية أم إيجابية، ومن هنا تكون الانطلاقة في ترميم الثقة بدلاً من الإمعان في تكذيب الوقائع بالتصريحات التي تجلد الحقيقة والناس بسياط الإنجاز الوهمي.. فهل هذا صعب المنال؟.
بشير فرزان