قرار الاستملاك السياحي في طرطوس.. نصف قرن من التخطيط وتشكيل اللجان!!
قد لا تسعفنا الذاكرة نحن أبناء طرطوس لنجد ما يبرر انقضاء نصف قرن من صدور قرار الاستملاك السياحي جنوب مدينة طرطوس مع بداية سبعينيات القرن الماضي, ولكن بكل تأكيد إذا كانت العبرة في النتائج فإن النتيجة المستخلصة بعد كل هذه السنوات هو الإهمال وغياب المنشآت والمشاريع السياحية كما يليق بها وبتاريخها القديم عندما عرفت أول ملعب أولمبي وأول معبد.. وللآثار قصص شاهدة على عظمة شعب كان جديرا بالحياة!
أصبحت هذه المنطقة المحددة في قرار الاستملاك الذي صدر عام 1973 ضمن المخطط التنظيمي المصدق لمدينة طرطوس كمنطقة توسع سياحي للمدينة بموجب القرار الوزاري رقم 273 تاريخ 1992/3/4 .
وتبلغ مساحة هذه المنطقة حوالي 500 هكتار وتتألف من مجموعة كبيرة من العقارات تعود ملكية أغلبها إلى مجلس مدينة طرطوس.
إجتماع مفصلي
مدير الشؤون الفنية في مجلس مدينة طرطوس المهندس حسان حسن أوضح خلاصة الاجتماع المهم الذي تم عقده في الشهر الثالث الماضي حيث قال: بناءً على المذكرة التفصيلية تم عقد اجتماع في وزارة السياحة بتاريخ 12/3/2020 برئاسة معاون وزير السياحة وكانت إحدى توصيات الاجتماع “تكليف الشركة العامة للدراسات الهندسية بإعداد مسودة دفتر شروط فنية ليتم التوافق عليه من قبل المعنيين”.
وعليه تم تشكيل لجنة بموجب قرار رئيس مجلس مدينة طرطوس رقم 1077 تاريخ 25/8/2020 تضم ممثلين عن مديرية سياحة طرطوس والشركة العامة للدراسات ومجلس مدينة طرطوس مهمتها إعداد مسودة دفتر شروط فنية ومالية وحقوقية لدراسة منطقة التنظيم السياحي جنوب مدينة طرطوس (الشرائح السياحية مع البلاج المقابل لها) وقد اجتمعت عدة اجتماعات وهي في طور الانتهاء من إعداد مسودة دفتر الشروط المطلوب.
وأضاف حسن : إن منطقة التنظيم السياحي الواقع جنوب مدينة طرطوس من أهم المواقع السياحية في سورية فهي تتميز بأهمية سياحية و تاريخية و استثمارية كبيرة جداً كونها تطل على شاطئ البحر الأبيض المتوسط الذي يحاذيها من الجهة الغربية وتقع ضمنها مدينة عمريت التاريخية الأثرية وتقابلها جزيرة أرواد المأهولة وجزيرتي الحباس وأم علي غير المأهولتين ويحاذيها من الجهة الشرقية الطريق الدولي طرطوس – طرابلس.
ونظرا لأهميتها كان القرار المناسب بإنجاز الدراسة التخطيطية و التنظيمية لها ووضعها موضع التنفيذ بأسرع زمن ممكن فالتخطيط والتنظيم السياحي للمنطقة وانطلاقا من كونه أحد أهم أدوات التنمية الاقتصادية سيهدف إلى إقامة منتجعات و مراكز و فعاليات سياحية متميزة و متعددة الاستخدامات بتصميم عالي المواصفات يسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية و يعزز واردات المدينة، إضافة إلى توفير فرص عمل كبيرة و إحداث نقلة تنموية للمدينة والمحافظة، ولم يعد خافيا أن التخطيط السياحي أصبح ضرورة من ضرورات التنمية المستدامة التي تساعد على مواجهة المنافسة في السوق السياحية الدولية بالاستخدام الأمثل لعناصر الجذب السياحي المتاح والكامن و التركيز على المنتج السياحي و على عمليات الترويج والتسويق لاحقا بأسلوب يحقق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية و تحقيق التنمية للمدينة.
سير السلحفاة
قيض لهذا الطريق الطويل أن تسلكه سلحفاة منذ أكثر من خمسين سنة لتصل نهايته بعقد إجتماع ينتظره مواطنو طرطوس أن يخرج بتوصيات قابلة للتنفيذ بعد رحلة مخاض عسير تحملته مدينة طرطوس ووزارة السياحة نظرا لكثرة الاعتراضات والعراقيل والعقبات طوال العقود الماضية وتتحمل مسؤوليته أيضا عدة جهات من وزارات ونقابات وجمعيات ارتضت لنفسها أن تأخذ فتات من حصص كان من الممكن أن تدر لها أرباحا فيما لو أحسنت إدارة هذه” الدجاجة” وعرفت كيف تستثمر ما اقتنصته من مواقع أكبر من إمكانياتها فلكم أن تتخيلوا مثلا إقامة شاليهات بلا أفق للاستثمار، تحولت مع الزمن بسبب الإهمال وفشل طريقة طرحها للاستثمار إلى حظائر للأبقار وملاذات آمنة لـ “خلوات” غرامية كما كان الحال لموقع يتبع للاتحاد الرياضي العام في موقع جميل للغاية حيث أمواج البحر تعانق رمله اللازوردي، ولكن ذهنية الاستثمار والانا الشخصية والفردية كانت فوق كل إعتبار وهذا مثال بسيط لعقارات متعددة على طول المنطقة المستملكة لغاية الاستثمار السياحي ولكن بلا هوية سياحية خالصة بسبب تلك الذهنية القاصرة محتمية بقوة وسطوة منظمات شعبية ونقابية كان همها الاول والأخير تحويل هذه المواقع إلى رحلة اصطياف مجانية لغايات ضيقة ومصلحية أو مقابل استئجار بخس أو تسليمه بعهدة ناطور لا عهدة له و لا نعرف لمصلحة من كان يذهب..!!!
سياحة طرطوس توضح
يقول المهندس يزن الشيخ مدير سياحة طرطوس: لا يوجد استملاك سياحي وإنما يوجد أملاك لوزارة السياحة في محافظة طرطوس حيث تم نقل جميع الأراضي إلى اسم وزارة السياحة الموقع الأول في جزيرة أرواد ويوجد عقد مع شركة فينيقيا للاستثمار السياحي لاشادة فندق من السوية الدولية والموقع الثاني منطقة عمريت مقابل شاطئ الأحلام وبامتداد حوالي ٦ كم يطلق عليها اسم التنظيم السياحي بشرائحه الستة والعائق أمام الاستثمار هو التسجيل الأثري للمنطقة بالكامل، وحاليا سمحت المديرية العامة للآثار والمتاحف بالاستثمار السياحي للشريحة الأولى ضمن شروط محددة وتعكف وزارة السياحة ومحافظة طرطوس ومجلس مدينة طرطوس وشركة الدراسات العامة على إعداد دراسة تخطيطية للشريحة والشاطئ المقابل شاليهات الأحلام وحاليا نحن في مرحلة صياغة مسودة العقد لذلك.
للآثار حضور
رغم كل المسوغات والمبررات التي كانت بعض الجهات المعنية ترمي بمسؤولية التقصير والتأخير بالقيام بالأعمال المطلوبة لجهة مديرية الاثار في طرطوس يوضح المهندس مروان حسن مدير دائرة أثار طرطوس إلى أنه بالنسبة للشريحة الأولى فقد تم منح الموافقة للتصرف بشرط الحفاظ على أحد المعالم الاثرية “خزان أثري ” مع وجيبة حماية خاصة به بالإضافة لمراعاة النمط المعماري المجاور للشريحة وبالنسبة لبقية الشرائح وهي المكون الرئيسي لقرار التسجيل الصادر لعام 2005 المتضمن مناطق الملعب والمدافن والمعبد فحاليا يخضع لقانون الاثار وتوجد حراسة في المنطقة لمنع التعديات والمخالفات ومنها منع القيام بأعمال التنقيب غير الشرعية أو السرية. وتم إجراء بعض الاسبار ومنح الموافقات ضمن الاشتراطات اللازمة حيث توجد فيها أبنية للزراعة والجامعة وغيرها، وفي حال تم الطلب من قبل وزارة السياحة القيام بأعمال تنقيب للبت بوضع هذه الشرائح أثريا كما هو الحال في الشريحة السادسة التي تمت المباشرة بأعمال الاسبار على نفقة وزارة السياحة منذ عام العام الماضي ويستمر العمل حاليا وعلى ضوء النتائج والاسبار سيتم البت بوضع هذه الشريحة جزئيا أو كليا..
لؤي تفاحة