أجواء أوروبية بريطانية متوترة قبل الجولة الثامنة من مفاوضات ما بعد بريكست
يسيطر التوتر على مسار الجولة الثامنة من المفاوضات المرتقبة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لمرحلة ما بعد بريكست في ظل ظروف استثنائية يمرّ بها الطرفان.
وتصاعدت حدة اللهجة بين لندن وبروكسل أمس الاثنين عشية استئناف المفاوضات بشأن علاقتهما ما بعد بريكست بعدما هدد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإغلاق باب المفاوضات في منتصف تشرين الأول والاستعداد للعودة عن بعض الالتزامات السابقة وفق صحيفة فايننشال تايمز.
وحدّد جونسون يوم الخامس عشر من الأول المقبل موعداً نهائياً لإبرام اتفاق لمرحلة ما بعد بريكست مع الاتّحاد الأوروبي، مكرّرا قبل افتتاح جولة ثامنة من المفاوضات هذا الأسبوع في لندن أنّ “المملكة المتّحدة لن تساوم على استقلالها”.
وقال الاتّحاد الأوروبي كان واضحا جدّا بشأن الجدول الزمني. وأنا أيضا. يجب أن يكون هناك اتّفاق مع أصدقائنا الأوروبيين بحلول موعد انعقاد المجلس الأوروبّي في 15 تشرين الأول إذا كان سيصبح ساري المفعول بحلول نهاية العام”.
وإذا لم يحصل ذلك، ستنسحب لندن من المفاوضات وتقبل هذه النتيجة التي تخشى أوساط الأعمال من عواقبها الاقتصادية الكارثية المحتملة في فترة صعبة أصلا بسبب فيروس كورونا.
وفي مؤشر على تزايد مخاوف المستثمرين، انخفض الجنيه الإسترليني بشكل حاد الاثنين في الأسواق المالية.
وكانت بروكسل من جانبها قالت إنه يجب التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية تشرين الأول للسماح بمصادقة أوروبية عليه في الوقت المحدد.
وقد أربكت المعلومات التي أوردتها فاننشال تايمز البريطانية الأجواء التي كانت متوترة أصلا بين الطرفين.
وبحسب الصحيفة البريطانية ستقدم حكومة جونسون الأربعاء مشروع قانون من شأنه أن يلغي النطاق القانوني لبعض أجزاء الاتفاق الذي حدد الخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني بما في ذلك القواعد الجمركية في إيرلندا الشمالية.
وبموجب بروتوكول إيرلندا الشمالية، سيتعين على هذه المقاطعة البريطانية إتباع بعض قواعد الاتحاد الأوروبي بعد الفترة الانتقالية اللاحقة لبريكست من أجل ضمان عدم وجود حدود مادية وتجنب عودة التوتر في هذه المنطقة التي شهدت نزاعا دمويا استمر ثلاثة عقود.
وأكد مكتب رئيس الوزراء البريطاني اتخاذ إجراءات محدودة تهدف إلى توضيح هذا البروتوكول من أجل إزالة أي غموض وتجنب العواقب غير المقصودة للنص على عملية السلام أو السوق الداخلية للمملكة المتحدة.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إن بريطانيا ملزمة بموجب القانون احترام اتفاق خروجها من الاتحاد الأوروبي وهو شرط أساسي لأي شراكة مستقبلية.
وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي حول بريكست ميشال بارنييه لإذاعة فرانس أنتر يجب احترام كل ما وقّع في الماضي إنه ضمان للثقة في المستقبل.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفيني إن مشروع القانون هذا سيكون “طريقة غير حكيمة للمضي قدما”.
وخرجت المملكة المتّحدة رسميّا من الاتّحاد في 31 كانون الثاني بعد نحو أربع سنوات من استفتاء تاريخي طبع نهاية حوالي خمسين عاما من العضوية في الاتّحاد لكنّ القواعد الأوروبية لا تزال تُطبّق في المملكة حتّى 31 كانون الأول في وقت يحاول فيه الطرفان التوصّل إلى اتّفاق للتجارة الحرّة.
وتتعثّر المفاوضات خصوصا بسبب مسألة الصيد البحري وشروط التنافس العادل. ويفترض أن تُستأنف الثلاثاء في لندن بينما لم تحرز الاجتماعات السابقة أي تقدم يذكر في هذا الصدد. وشهدت الأيام القليلة الماضية اتهامات متبادلة بين المفاوضين واتهم بارنييه لندن بعدم إظهار أي استعداد لتقديم تنازلات كما أكد البريطاني ديفيد فروست خلال عطلة نهاية الأسبوع أن المملكة المتحدة لن تصبح دولة تابعة.
وحذر بوريس جونسون حتى في هذه المرحلة المتأخرة إذا كان الاتحاد الأوروبي مستعد لإعادة التفكير في موقفه فسأكون سعيدا قائلا إن المملكة المتحدة لن تتنازل بشأن أساسياتها كدولة مستقلة للوصول إلى اتفاق.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، سيتم تطبيق قواعد منظمة التجارة العالمية مع تعريفات مرتفعة وضوابط جمركية واسعة النطاق وهو أمر يزيد من إضعاف اقتصادات تضررت بشدة جراء الوباء.
وقال جونسون سيكون لنا اتفاق تجاري مع الاتّحاد الأوروبي شبيه بالاتّفاق مع أستراليا، أو مشابه للاتّفاق مع كندا ودول أخرى.
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في بروكسل إذا أراد رئيس الوزراء القفز من جرف بريكست لأسباب إيديولوجية، فلن يكون لدى الاتحاد الأوروبي أي وسيلة لمنع ذلك. في المقابل، إذا أصبح نهج المملكة المتحدة أكثر واقعية، ستكون هناك على الأرجح فرصة جيدة لإنقاذ المفاوضات والتوصل إلى اتفاق في تشرين الأول.