رندة حجازي: أصالة الفن السوري بنكهة عالمية
فنانة تستهويها المواضيع الإنسانية والاجتماعية جداً، -وبرأيها الخاص- الفنّ التشكيلي هو فنّ ملتزمٌ بكل قضايا المجتمع والإنسان، ووسيلة من وسائل التواصل البصري، يساعد في إيصال أفكارنا لكل العالم، وهذا ما تعيقه الكلمة في بعض الأحيان.
الفنانة رندة حجازي خريجة كلية الفنون الجميلة -قسم اتصالات بصرية- وخريجة كلية الإعلام بجامعة دمشق مقيمة في كندا، تتميّز بفنها الأصيل، وقد حقّقت نجاحات متعدّدة فيه. كان لـ”البعث” هذا الحوار معها، وفيه تحدثت عن تجربتها الفنية حيث قالت:
الفن ملتزم بالدفاع عن المستضعفين والمطالبة بالمساواة، لم يكن ولن يكون الفنّ حالة من الترف الفكري أو الحياتي أبداً، ومن يعتقد ذلك فهو مخطئ حتماً. للفن تأثير قويّ في تقويم المجتمعات وصنع القرارات، وله أيضاً تأثير كبير جداً في صنع الحضارات منذ نشأته حتى يومنا الحالي، كما أنّ له أهمية كبيرة تتعلّق بحياتنا اليومية ومشاعرنا الإنسانية وأحكامنا الجمالية، وكلّ ما يتعلق بكياننا كبشر ويمسّ وجودنا ويتصل بمفاهيمنا. لذلك من خلال هذه القناعات أنا من عشاق الفن التشكيلي ومع الفن الملتزم تحديداً، فهو الفن السامي بنظري الذي يخدم الحياة والإنسان والمجتمعات، وهذا ما دفعني إلى ممارسته بشكل مكثف ويومي.
المرأة هاجسي
تخرجت الفنانة حجازي من كلية الإعلام ودمجت بين العمل الإعلامي والفني معاً، وعن هذه الحالة تحدثت: الإعلامي مهمّته نقل الوقائع والأحداث بمصداقية وموضوعية عن طريق الكلمة والصورة، وقد بدأت بنقل مشكلات ومعاناة واقعنا ومجتمعاتنا العربية بطريقتي الخاصة بدمج الإعلامي والفني معاً، وفي كل فترة زمنية أسلّط الضوء على جزء من هذا المجتمع، ولكن موضوع المرأة هو هاجسي الأساسي بسبب ما تتعرّض له من ظلم ليس فقط على المستوى الأسري أو التعنيف الذكوري أو هضم حقوقها، وإنما ظلم المجتمع لها في إثبات وجودها الفعلي في الحياة، وكيف يمكنها أن تكون عنصراً فعّالاً ومنتجاً في المجتمع بدلاً من أن تكون عنصراً مستهلكاً فقط، إذ لديها الكثير لتقدمه للمجتمع، لكني أرى قيودها كثيرة، وهذا ما حاولت تسليط الضوء عليه، مثل رمادية المرأة بينها وبين نفسها وطريقتها في إثبات وجودها بشتى الطرق، ابتداءً من المرأة الجاهلة وصولاً إلى المرأة المثقفة، نحن بحاجة إلى إعطاء المرأة دوراً أكبر وتحريرها من الوحدة التي تعيشها رغم الزخم الكبير من المسؤوليات الملقاة على عاتقها، ولا ننسى أبداً أنها نصف المجتمع وهي من ربّى وعلّم النصف الثاني.
في الواقع، هناك الكثير من الفنانين والباحثين الاجتماعيين والمنظمات الإنسانية وغيرها كانوا وما زالوا يسلّطون الضوء على معاناتها، ولكن للأسف نحن بحاجة إلى الكثير لإثبات دورها الفعّال في المجتمع، وكل ما أفعله هو أنني أضمّ صوتي إلى صوتهم ضمن إمكانياتي وقدراتي.
22 “قبلة“
للفنانة رندة حجازي العديد من المعارض منها في سورية والإمارات وفي كندا مكان إقامتها، وعن تجربتها في معرض “22 قبلة” الذي أُقيم في لبنان قالت: كانت تجربة غنية جداً وفريدة، تحدثت فيها عن 22 دولة عربية من خلال تجسيد ذاتي للعالم الذي يدور في رأسي، عالم من سلام ومحبة –كما ينبغي أن يكون- من هنا كان معرض “22 قبلة” يمثّل في مضمونه حقيقتنا ومعنى وجودنا في بلاد قُدّر لها أن تكون قلب العالم، فمن كل عواصم العالم جمعت ترابها وتحوّلت حبّاته إلى قُبل سلام ترفض واقعاً مريضاً يخبئ حقيقة يُراد لها أن تبقى مدفونة في ذرات تراب.
“22 قبلة” كان لكلّ منها حكاية تجاوزت حدود إطار اللوحة وحدود السياسة حتى رسمت حدود الحقيقة، تضمن المعرض 22 لوحة تجسّد كل واحدة منها دولة عربية بفترات وحقب تاريخية قديمة (ما قبل الميلاد)، عرضت أهم إنجازات حضاراتنا العربية ووزّع تراب هذه الدول، تراب كل دولة على لوحتها الخاصة بها حتى تشكّلت بانوراما عربية واجتمع تراب الوطن العربي لأول مرة تحت سقف واحد دون خلافات أو نزاعات أو حدود، إضافة إلى 14 لوحة خاصة بحضارات سورية، لبنانية، أردنية، فلسطينية، عراقية، مصرية ويمنية.
عضوية كيبيك
منذ عام تقريباً من خلال البحث عن أمور تتعلّق بمجال الفن التشكيلي في كندا عن طريق الانترنت، قرأت الفنانة رندة عن دائرة فناني ونحاتي “كيبيك”، وعن حصولها على عضوية هذه الدائرة أجابت: الموضوع لفت انتباهي بما يقومون به من معارض مهمّة محلية ودولية، فقررت تقديم طلب الانتساب، ولكنني لم أكن أعلم أن الموضوع بهذه الصعوبة، إذ احتاج إلى حوالي شهر ونصف الشهر من الأسئلة والمتابعة وفحص الأعمال وشهادات الجامعة حتى تمّ قبولي في هذه الدائرة، وكانت فرحتي كبيرة جداً في اجتماعي الأول مع إدارة الدائرة بعد قبول طلب انتسابي، حيث أخبرتني رئيسة الدائرة بشكل مباشر أنني أول فنان سوري يتمّ قبوله لما يتمتّعون به من مستوى عالٍ جداً من درجات الفن والاحترافية، وأظنّ أنها كانت أول خطوة جديّة لي كفنانة رغبت في خوض تجربتي الخاصة في بلاد الاغتراب، لحقها فوراً بعد عدّة أشهر قبولي في المجلس الفيدرالي الكندي للفنون في العاصمة الكندية أوتاوا، وكانت مراحل القبول أصعب بكثير كون هذا المجلس يعدّ أهم وأكبر دائرة تُعنى بالفنانين الكنديين على مستوى كافة مقاطعات كندا.
نصب تذكاري
حقّقت الفنانة السورية رندة حجازي نجاحاً في مسابقة تصميم نصب تذكاري تابع لجمعية أندية الليونز الدولية، وسيوضع في ساحة من ساحات كندا العامة، وعن فوزها في المسابقة قالت: قرأت إعلاناً عن مسابقة لتصميم نصب تذكاري تابع لمنظمة أندية اللايونز الدولية، والتصميم الرابح سوف يوضع في ساحة من ساحات كندا العامة، وسيتمّ التدشين في مؤتمر دولي تابع لمنظمة اللايونز عام 2021 في مدينة مونتريال الكندية، فقررت المشاركة. وفي الحقيقة لم أتوقع الفوز خاصة وأنني في دولة مثل كندا مليئة بالفنانين الكبار والمخضرمين على مستوى العالم، إضافة إلى وجود لجنة دولية مهمّة جداً، لكن الحمد لله كان الفوز من نصيبي، وكان الخبر مفرحاً لي جداً، فنحن بأمسّ الحاجة للتواجد الثقافي السوري وخاصة في دول الاغتراب. وأعتبر هذا الفوز هو انتصار ثقافي سوري ضروري جداً للمحافظة على التوازن الوجودي لثقافتنا بين ثقافات دول العالم، وسيتمّ الإعلان عن التصميم قريباً بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية التي تتعلّق بحقوق الملكية، وطبعاً أتمنى أن ينال إعجاب الجمهور عند الكشف عنه.
جُمان بركات