“فن الممكن”
تستدعي الحاجة في ظلّ الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة البحث عن أقصر الحلول وأقلها تكلفة وأكثرها جدوى وانتفاعاً، والتطلع إلى تحقيق نتائج مثالية على مختلف الصعد وصولاً إلى مصطلح ما يُسمّى “فن الممكن”، وقد تختلف النتائج من مؤسّسة إلى أخرى نظراً لاختلاف بيئة عملها وعواملها التفاعلية التقنية والخططية والتنفيذية، وهنا لا بد من التركيز والاعتماد على الموارد البشرية والمالية، إضافة إلى عامل الزمن كمورد أساسي يضاف إلى بنية العمل وحركته صعوداً وهبوطاً، وهو ما يحدّد في المحصلة جودة المنتج والمخرجات المتوقعة عموماً.
إذا ما أردنا إسقاط هذه المفاهيم والنظريات على واقع عملنا المؤسّساتي والخدمي، نرى ببساطة أن هناك تباعداً واضحاً في المدخلات والمخرجات، وهو ما يفسّر حقيقة فشل الكثير من الخطط والبرامج والتي غالباً ما تأتي نتائجها عكسية وسلبية، لعدم استثمار هذه العوامل بالشكل الأفضل والأمثل، وخاصة ما يتعلق بالعامل الزمني كمحرك وداعم لإنضاج الخطط وإظهارها إلى النور في نسختها الأولية، مع ضرورة مراعاة الجودة والإتقان في العمل، وهو الذي يغيب تماماً عن مرتكزات العمل التنفيذي والإنشائي ضمن مشروع إعادة الإعمار، والذي انطلق في حلب قبل حوالي ثلاثة أعوام من الآن. فمعظم المشاريع ذات الطابع الإستراتيجي والحيوي والتنموي في المدينة والريف تواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات، ومنها ما هو متوقف ومتعثّر لعدم توفر اليد العاملة وأدوات العمل والدعم المالي الكافي لإطلاق مراحله الأولى.
مختصر القول: ندرك تماماً صعوبة المرحلة الراهنة في ضوء محدودية الخيارات الممكنة لرأب الصدع، وإحداث التوازن بين ما هو متاح من إمكانات ودعم وبين ما هو مطلوب إنجازه، ولكن ذلك لا يعفينا من المسؤولية في البحث عن حلول لإنجاز أفضل الممكن، وهذا يتطلّب جرأة في المبادرة واتخاذ القرارات المناسبة، وتحديث القوانين والتشريعات لمواكبة متطلبات واحتياجات المرحلة الراهنة والمستقبلية، وهو ما يجب أن يكون في سلم أولويات عمل مجلس الشعب الجديد وعمل الحكومة ولجانها الوزارية المشكلة أخيراً، ليكون فنّ الممكن ممكناً ومتاحاً وليس مستحيلاً.
معن الغادري