حفل خريجي طلاب المعهد العالي للموسيقا في دار الأوبرا
أُقيم حفل تكريمي لأربعة وعشرين طالباً على مدى ثلاثة أيام متواصلة على خشبة مسرح الدراما في دار الأوبرا، احتفالاً بتخرج دفعة جديدة من طلاب المعهد العالي للموسيقا لعام 2020 من مختلف الاختصاصات في الموسيقا الكلاسيكية والشرقية والغناء الأوبرالي والشرقي، إضافة إلى اختصاص نظريات، من خلال ثلاث أمسيات بمشاركة ثمانية طلاب في كل أمسية بالغناء والعزف، بإشراف أستاذ من أساتذة المعهد على كل طالب، قدموا فيها أنماطاً مختلفة من الموسيقا أغلبها من نمط كونشيرتو كُتب لآلة معينة للآلات التخصصيّة للطلاب، مثل الفلوت والفيولا والكلارينيت والساكسفون والغيتار والباصون والبارمبا والتيمباني والبيانو والكمان والترومبون، فحلّ البيانو مكان الأوركسترا بمشاركة الأستاذتين في المعهد سفيتلانا الشطا، ومارينا بوهايتشوك، إضافة إلى قالب السوناتا ومقطوعات من الرقصات ومن الموسيقا المعاصرة المودرن لمؤلفين من مدارس مختلفة بيتهوفن ورخمانينوف وتشايكوفسكي وبوذا وغيرهم، وفي الموسيقا الشرقية قالب الكونشيرتو للبزق ومقطوعات العود والغناء الشرقي لألحان رياض السنباطي والقصبجي والغناء الأوبرالي مقطوعة لستراوس.
وأظهر الطلاب براعتهم في الأداء الأكاديمي المتمّيز وتمكنهم من التحكم بالآلة واستخدام خصائصها، ما يدلّ على تجاوزهم الكثير من الامتحانات الصعبة وصولاً إلى هذا اليوم. والأمر اللافت أن أغلب الطلاب ساهموا خلال دراستهم في أمسيات الأوبرا ضمن خطة المعهد العالي للموسيقا بتقديم الطلاب وتواصلهم مع الجمهور، واللافت أيضاً أن عدد خريجي الغناء الأوبرالي والشرقي قليل جداً مقارنة مع التخصّص الآلي وكذلك اختصاص نظريات.
ومن الطلاب في الأمسية الثانية غنى روجيه اللحام بإشراف المغنية الأستاذة ليندا بيطار بصوته القوي المعروف من قبل جمهور الأوبرا بمشاركة العازفين على القانون والعود والرق قصيدة أشواق “أيها الناعم في دنيا الخيال”، رائعة السنباطي المتميزة بالمقدمة الموسيقية، وبدت جمالية صوته بمقطع “آه لو تسمعني”.
وأضفت الطالبة روضة كنايسي المتخصّصة بالعزف على آلة البزق شفافية على الأمسية بعزفها الرقيق الحركة الثانية من كونشيرتو “تالت” للمؤلف الأذربيجاني حجي خان محمد بإشراف الأستاذ محمد عثمان ومشاركة البيانو، وقد اتسمت الحركة الثانية بلحن بطيء وحزين يبوح بمشاعر عاطفية يتصاعد قليلاً في مواضع ثم يعود إلى اللحن البطيء.
وقدم عازف الترومبون الطالب مجد جبر مقطوعة للمؤلف الفرنسي بوذا –قالب ballade-، من الموسيقا المعاصرة بإشراف الأستاذ محمود العاقل، وقد استخدم أبعاداً صوتية مختلفة موظّفاً المساحة الصوتية الكاملة للآلة من الصوت الضعيف حتى الصوت الضخم والتداخل بينهما بمهارة. وأبدت الطالبة رهف جنود براعة بضربات التيمباني بإشراف الأستاذ علي أحمد بعزفها سوناتا بمرافقة البيانو-a-j-cirone-سوناتا –n-. 1- كما قدم باقي الطلاب مقطوعاتهم.
وفي نهاية الأمسية قدمت د. لبانة مشوح وزيرة الثقافة شهادات التكريم للطلاب، وأشادت بأدائهم المتميز مع عميد المعهد العالي للموسيقا عدنان فتح الله ورؤساء الأقسام وأعضاء الهيئة التدريسية وبحضور الأهالي الشريك الحقيقي لنجاح الطلاب.
الحلم والاستمرار
بعد التكريم عُرض فيلم تسجيلي طويل للقاءات الطلاب تحدثوا فيه عن شفافية هذا المكان الآسر وسحر نوافذه الزجاجية التي تعكس جماله، وعن القاعة الأساسية قاعة صلحي الوادي التي تعني الكثير بالنسبة إليهم، وعن أحلامهم وذكرياتهم التي طالت أيضاً أيام القذائف المرعبة، والأهم إصرارهم على استمرارهم مع هذا المكان. وقارنت روضة كنايسي بين دخولها اليوم الأول إلى المعهد وتخرجها اليوم، فتحدثت عن دور المعهد الكبير في بناء شخصيتها الموسيقية، وعن شغفها بالموسيقا الذي لا ينتهي وأحلامها الكبيرة التي ستعمل على تحقيقها. في حين أشاد روجيه اللحام أيضاً بدور المعهد الذي منح الطلاب كل شيء وصولاً إلى النجاح، كما أشاد بدور الأساتذة الكبير بتحقيق الهدف الذي يريده كل طالب.
موضع فخر
وتحدث عميد المعهد عدنان فتح الله عن حفل الخريجين المميّز لهذا العام الذي يتزامن مع الذكرى الثلاثين لتأسيس المعهد، وتحدث عن الطلاب وإيمانهم بالموسيقا ودورها الذي يتجلّى بأثرها على المجتمع كحالة إنسانية جامعة وحالة ثقافية وتربوية. ورأى أن مواصلة الطلاب مع الأساتذة خلال سنوات الحرب ما هو إلا فعل مقاوم لفكر كان يهدف إلى تدمير الشباب السوري ثقافياً واجتماعياً، واليوم أصبحوا موضع فخر لنا ولكم ولأساتذتهم وأهاليهم لما حققوه من تطور علمي وأداء متقن على الآلات التي تخصّصوا بها، وهذا ليس بغريب فهم أبناء سورية موطن الأبجدية الأولى والنوتة الموسيقية الأولى التي انطلقت إلى العالم. وتابع عن المستوى الأكاديمي المتميز للمعهد منذ تأسيسه على يد الأستاذ صلحي الوادي حتى اليوم، وأشاد بحالة التكامل الثقافي بين الأوبرا والمعهد ما يدل على حالة التكامل المؤسساتي داخل وزارة الثقافة.
ملده شويكاني