فتوحات إنشائية؟!
قد تبدو وزارة الأشغال العامة والإسكان في موقع المتفرج بمواجهة دورها الحقيقي على الأرض في التصدي لملف الإعمار، في ظل الاتهامات بالتقصير وغياب الجانب التنفيذي لما يذاع من خطط وبرامج ومشاريع بالتوازي مع رمي الكرة في ملعب الوزارة من قبل جميع الجهات والوزارات والمؤسسات، لتصبح “الأشغال” مضطرة للتأكيد أن الأطقم ليست متقاعسة بعدما قامت بتحضير البيئة التشريعية وإصدار كافة الكودات ودفاتر الشروط اللازمة في مرحلة إعادة الاعمار.
لطالما صرح وزراء سابقون وحاليون بأن القطاع برمته رهن إشارة الدولة للبدء بعملية الإعمار وإطلاق الورش بعدما قامت بتأهيل كافة فروع الشركات في المحافظات ورفدها بالكوادر والآليات اللازمة للإقلاع بعملها والمساهمة في إعادة إعمار البلد في اللحظة التي تراها الدولة مناسبة للبدء بالعمل في أي منطقة.
وهنا تدرك الأشغال العامة والإسكان بأن مهمتها تنفيذ الاستراتيجية التي ترسمها الدولة، لذلك فإن إعداد التصورات أو المخططات عن إعمار هذه المنطقة أو تلك يكون تبعاً لسياسة الدولة ووفقاً للحالة الأمنية، علماً أن تحقيق الاستراتيجية مرتبط بما ترصده لجنة إعادة الإعمار من مبالغ سنوياً وحسب الأولويات والضروريات. وبالتالي فإن الوزارة ليست هي من ترسم هذه الاستراتيجية وإن تمويل إعادة الإعمار يرصد من لجنة إعادة الإعمار وحسب الأولويات والضرورات التي هي برئاسة وزير الإدارة المحلية وعضوية أغلب وزارات الدولة وليست في موازنة الأشغال العامة والإسكان.
منذ زمن وإلى الآن ثمة خطاب جاهز مرتبط بمعزوفة “تهيئة البيئة التشريعية للإقلاع بعجلة إعادة الإعمار”، في وقت يدور الكلام الجاهز عن تشكيل فرق عمل من مختلف الاختصاصات وفي كافة المحافظات لتوثيق الأضرار التي لحقت بالقطاعات الإنشائية بالتعاون مع نقابة المهندسين والجهات المعنية، وكثيراً ما تعرض الوزارة لإنجازات من قبيل وضع دفاتر الشروط المالية والحقوقية والمواصفات العامة لأعمال إزالة تدوير النفايات في الأبنية وإعادة استخدامها وإصدار الدليل الاسترشادي لشراء معامل التشييد السريع وكذلك دفتر الشروط الفنية والمالية والحقوقية لوحدات الإيواء السريع مع دراسة أتمتة وتطوير خطوط إنتاج هذه الوحدات وإعداد وإصدار دليل تحليل الأسعار لكافة الأعمال الإنشائية بما يتناسب مع الأسعار الرائجة في الأسواق المحلية.
ومع ذلك كل ما سبق لا يساوي الورق الذي كتب عليه لطالما بقيت منظومات المؤسسات والشركات المعول عليها التطبيق في أية لحظة مترهلة ومتكلسة وتعيش حالة من الفساد والقنوط المسكون في المفاصل والفنيين ومعها الإدارات المتقاعسة، إلا فيما يرتبط بمصالح شخصية يتراكضون عليها وتقديمها على أنها إنجاز يضاف لقائمة الصنائع التقليدية التي لا ترتقي لمستوى شركات إعمار مطلوب منها مشاريع وجبهات جسام أكبر من مستوى ترقيعة طريق هنا وبقعة زفت هناك وترميم بسيط في مكان ما وغيرها الكثير من نشاطات تعتبرها إدارات الشركات الإنشائية العامة على أنها فتوحات لبنى إنشائية وإعمارية عظمى.
علي بلال قاسم