بسام الحجلي: الرسم بأصابع طويلة
يشارك الفنان التشكيلي بسام الحجلي في ملتقى التصوير الزيتي “سورية جسر المحبة” الذي أقيم في متحف دمشق الوطني، بتنفيذ أكثر من لوحة تحاكي جغرافية المكان ودلالاته التاريخية، معتمدا على نص شغله منذ سنوات عاشها في الغربة يتمحور حول الارتباط بالمكان والتاريخ والوطن، مستندا إلى تجربة تقنية واسعة اكتسبها من احترافه للعمل الفني وتنفيذ أعمال فنية في العديد من مدن المغترب وبخامات مختلفة منها اللوحات الجدارية وأعمال الديكور والتزيين وصولا إلى مشاغل اللوحة التشكيلية والأعمال البصرية الأخرى. وهو صاحب قلق لا ينتهي بشأن العمل الفني وطريقة إخراجه وبناء حياته وديمومته وأدوات تنفيذه، مع العلم أنه الواثق من الأدوات التي يستخدمها، إلا أن هذه الثقة لم تجعل منه المكرر أو المطمئن لسكينة ما، بل هو الفنان الدائم البحث والحوار مع لوحته المنفذة بضربات واضحة لا تردد فيها بحيث لا يعيد تصحيح أو تنميق ما يحدث من خدوش أو خطوط أو بقع لونية، بل ما يعنيه هو تلك التلقائية في هذه الجملة الواقعة في المكان المناسب من سيمفونية ألوانه أو تكوين بناء عمله المعماري الرصين، فالتكوين في اللوحة محقق يتوازن في اللون أو الكتلة على حد سواء.
شهدنا للفنان الحجلي معرضا فرديا منذ سنوات في دمشق اشتغل فيه على مضمون واحد هو الطبيعة والمنظر الطبيعي بصياغات تعبيرية وانطباعية، وتتميز لوحته بالجرأة والحيوية كما تشي باختصار واضح للتفاصيل الدقيقة على حساب روح العمل وتماشيا مع انفعالات وحواس هذا الفنان الذي يقدم البهجة بصوتها العالي وتفرض على متلقيها الارتباك أمام هذا الجمال المتحرك على سطح يضج بالإحساس والحياة، وحسبي أنه يرسم ما تمليه عليه ذاته العميقة من دون تردد أو حساب لأي خسارة، فلا تعنيه سوى المتعة وحضور الفرح من خلال أدوات بسيطة لا تتعدى الفرشاة أو سكين الرسم وعلبة الألوان حيث الجمال يتداعى على أصابع موسيقي وملوّن ساحر.
يقول عن مشاركته في هذا الملتقى: “المكان فرض علي أن أكون وفيا ومستذكرا لزمن حاضر في أوابد الأقدمين، فالمتحف ببهائه له سلطة آسرة على الفنان فمن خلال الضوء الهابط من الأعلى على تماثيل الحجر يتشكل الشعر وسحر الزمن وقصيدة الماضي العريق، ففي حضرة هذا الجمال تشعر بهمسات بعيدة تحفز فيك الصمود والثبات وتطالبك بغزل لوحتك الأبهى لوطن أخضر يستحق أن تعيش وتدافع عنه رغم حرائق المارقين”.
أكسم طلاع