الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

طهران تسخر من إعادة فرض العقوبات: انتهى زمن قطاع الطرق!

إثر فشل الولايات المتحدة في فرض العقوبات الأممية على إيران، من خلال مجلس الأمن الدولي، بعد رفض 13 دولة من أعضاء مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة للمشروع الأميركي، بادرت واشنطن إلى خطوة غير مسبوقة ومفاجئة بالإعلان أن “العقوبات الأممية” ضد إيران دخلت حيّز التنفيذ مرة أخرى، وتهديد الدول التي لن تنفذ العقوبات بـ “عواقب”.

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده على واشنطن، ردّ على تلك العقوبات قائلاً: إن الولايات المتحدة معزولة جداً في قراراتها الأخيرة وهذا يعكس ضعفها، مؤكداً أن رسالة طهران إلى واشنطن واضحة، وقال: “عودوا إلى قرارات المجتمع الدولي”، وأضاف في بيان: “إن زمن قطاع الطرق انتهى وردنا سيكون حاسماً”، مشيراً إلى أن أول ضحية لسياسات ترامب وشركائه الدوليين هي الولايات المتحدة نفسها.

وأكد خطيب زاده أن مزاعم الإدارة الأمريكية بشأن إعادة العقوبات الأممية على طهران لا يعدو كونه مسرحية هزلية، مشدداً على احتفاظ إيران بحقها في الرد على أي تفتيش محتمل لسفنها وطائراتها، داعياً واشنطن إلى الكف عن إجراءات الحظر الإرهابية واحترام القوانين والمواثيق الدولية، وقال خلال مؤتمر صحفي: إن سياسات ترامب الفاشلة ستؤدي إلى هزيمة أمريكا على مستوى العالم، وشركاؤها الأوروبيون يعرفون ذلك فهي باتت تعيش في عزلة وتمارس البلطجة والغطرسة.

الملفت أن بومبيو أعرب نيابة عن إدارة بلاده بل عن الأمم المتحدة، إعادة فرض العقوبات التي لا تتسم بأي صفة قانونية، كونها تأتي بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وبالتالي بطلان أي حقوق قانوني لها وفق الاتفاق.

إلى ذلك، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الولايات المتحدة تواجه الهزيمة في تحركها لإعادة فرض العقوبات على إيران، وقال: إن أمريكا واجهت هزيمة في محاولتها إعادة فرض العقوبات على إيران باستخدام آلية الزناد وقوبلت برد فعل سلبي من المجتمع الدولي وحلفائها التقليديين، مشدداً على أن الشعب الإيراني لن يرضخ أبداً للضغوط، وسترد إيران رداً ساحقاً على البلطجة الأمريكية، معرباً عن الشكر لروسيا والصين لمواقفهما الداعمة لطهران أمام واشنطن في مجلس الأمن.

وأعرب روحاني عن استعداد بلاده للعودة إلى التزاماتها في الاتفاق النووي إذا التزمت الدول المشاركة في الاتفاق بتعهداتها بشكل كامل، مشيراً إلى أن هناك طريقاً واحداً للتعامل مع إيران وهو احترام حقوقها والتعامل معها بلغة الاحترام، ولن يتوصل لأي نتيجة من يريد التعامل مع إيران بالغطرسة والتنمر.

وفي وقت سابق، حذرت وزارة الخارجية الإيرانية الولايات المتحدة وحلفاءها من تنفيذ تهديداتهم، مؤكدة أن هذه الدول ستواجه رداً صارماً وستكون مسؤولة عن كل التداعيات الناجمة عن ذلك، وأشارت في بيان لها إلى أن واشنطن تدعي كذباً عودة سريان قرارات مجلس الأمن حول إجراءات الحظر الأممية في وقت رفض فيه أعضاء مجلس الأمن طلبها بذلك، موضحة أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو نفسه يعلم جيداً أن مزاعمه بشأن عودة العقوبات على إيران لا أساس لها وتفتقد إلى القيمة القانونية ولذلك لجأ إلى أسلوبه المعهود بتهديد الدول الأخرى بالعقوبات إذا لم تذعن للرؤية الأمريكية وهذا أفضل دليل على اعتراف أمريكا بهزيمتها في مجلس الأمن الدولي.

واعتبر البيان أن مواقف الإدارة الأمريكية الحالية تشكل خطرا كبيرا على السلام والأمن العالمي وتعد تهديداً غير مسبوق لقرارات الأمم المتحدة وهذه الحقيقة تجلت بشكل واضح ومعلن تمثل بالتهديدات الأمريكية وتجاهلها لقرارات مجلس الأمن الدولي.

في سياقٍ متصل، طالبت إيران المجتمع الدولي بالدفاع عن سيادة القانون واتخاذ مواقف أكثر فاعلية تجاه الغطرسة الأمريكية، وقالت البعثة الإيرانية لدى الاتحاد الأوروبي في تغريدة : يتعين على المجتمع الدولي في سياق حماية النظام العالمي القائم على القانون أن يتخلى عن سياسة النأي بالنفس ويتجه نحو تفعيل مواقفه المناهضة للبلطجة الأمريكية، مؤكدة أن ذلك لن يتحقق عبر إطلاق الشعارات فحسب وإنما ينبغي على كل الدول أن تتولى مسؤولية الدفاع عن سيادة القانون.

من جهته، مندوب إيران لدى مجلس الأمن الدولي مجيد تخت روانتشي، قلل من تأثير الإجراء الأميركي خاصة وأن المهلة التي حددتها واشنطن انتهت من دون أن يحدث شيء.

وفي رسالة وجهها روانتشي إلى الأمين الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن أوضح أن هذا الإجراء غير قانوني ولا أساس له من الصحة، مؤكداً أن الوهم والحلم الأميركيين لن يتحققا، وقال: إنه رداً على الخطوة الأمريكية لم يعترف أي من أعضاء مجلس الأمن بصلاحية أمريكا لتفعيل عملية إعادة العقوبات السابقة على إيران فحسب، بل أرسل 13 عضواً في مجلس الأمن رسائل فردية أو مشتركة إلى رئيس مجلس الأمن رفضوا فيها بشكل قاطع الاعتبار القانوني والمصداقية للرسالة الأمريكية.

موسكو: واشنطن مستمرة في تضليل المجتمع الدولي

هذا وتعليقاً على العقوبات ضد طهران، قالت موسكو إن على واشنطن ألا تتكلم باسم مجلس الأمن، وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن القرار 2231 حول إيران لا زال سارياً ومساعي الحفاظ على الاتفاق النووي متواصلة، وقالت في بيان بعد إعلان واشنطن عن استئناف العقوبات الأممية على إيران: إن الولايات المتحدة مستمرة في تضليل المجتمع الدولي عبر التكهن باتخاذ مجلس الأمن الدولي إجراءات ما لإعادة تفعيل قراراته حول العقوبات على إيران والتي ألغيت بعد توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة في 2015، وأوضحت أن الحقيقة هي أن مجلس الأمن لم يتخذ أي إجراء من شأنه أن يعيد العقوبات السابقة على إيران وكل ما تفعله واشنطن لا يتعدى كونه أداء مسرحيا لجعل سياسة مجلس الأمن تابعة لسياستها القائمة على ممارسة أقصى الضغوط على إيران وتحويل تلك الهيئة ذات القرار لأداة طوع يديها.

الاتحاد الأوروبي: ليس بإمكان واشنطن فرض عقوبات دولية على إيران

الاتحاد الأوربي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أعربت عن خلوّ الإجراء الأميركي من “أي أثر قانوني”، مؤكدةً على التزامها الكامل والمستمر بالاتفاق النووي، إذ أكد الاتحاد أنه ليس بإمكان واشنطن فرض عقوبات دولية على إيران، مشيراً إلى أنه يجب الحفاظ على الاتفاق النووي، فيما جددت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في بيان مشترك، تأكيدها أن إعفاء إيران من العقوبات الدولية بموجب هذا الاتفاق الموقع عام 2015، وإن أي إجراء لإعادة فرض هذه العقوبات من قبل الولايات المتحدة سيكون غير قانوني، واعتبرت أن الولايات المتحدة لم تعد مشاركة في الاتفاقية النووية الشاملة بعد انسحابها منها في الثامن من أيار 2018 وبالتالي فإن تطبيق القرار بموجب الفقرة 11 من الاتفاقية وتفعيل آلية “سناب باك” المثيرة للجدل لا يمكن أن يكون له أي تأثيرات قانونية، وشددت الدول الثلاث على أنها لا تزال ملتزمة بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الذي تم بموجبه إقرار خطة العمل المشتركة الشاملة في عام 2015، وقالوا: لقد عملنا بلا كلل للحفاظ على الاتفاق النووي وما زلنا ملتزمين بالقيام بذلك.

وفي ظل الرفض الأوروبي والروسي والصيني لفرض عقوبات جديدة، فإن إصرار إدارة ترامب يبدو غير ذي جدوى كبيرة، إذا أن العقوبات لن تكون بحجم أكبر مما سبق وفرضه الرئيسان جورج بوش وباراك أوباما، والتي انتهت بتوقيع الاتفاق النووي بعد سنوات من التفاوض، فإذاً ما الذي يتوقعه ترامب من تكرار السيناريو نفسه؟