هل لدى الحكومة الوقت لتنفيذ وعودها؟
حفِل بيان الحكومة الجديدة بجملة من الوعود، بعضها جديد، والكثير منها يتكرّر في كل بيان وزاري للحكومات الجديدة!
والحق يُقال أنه ما من حكومة في أي بلد في العالم تنفذ بياناتها الوزارية 100%، ولا حتى 50%، وهذا الأمر ينطبق على جميع بيانات حكوماتنا السابقة!
ولكن يجب التمييز دائماً بين الوعود الورقية والإمكانات المتاحة لتنفيذها، وبدقة أكثر: هل الحكومة قادرة على تنفيذ وعود بيانها الوزاري؟
لو كانت الحكومات لا تزال تعمل في إطار الخطط الخمسية لكان لديها برامج مادية وزمنية محددة للتنفيذ، ولكن دون تخطيط وبرامج من الصعب توقّع تحقيق الوعود الوزارية!
وإذا كان الأمر يتعلق بوعود جديدة فإن الأمر يحتمل عدة فرضيات حول نجاحها أو إخفاقها!
أما عندما يتعلق الأمر بأزمات عمرها عقود، فهذا يعني أنه ما من حكومة سابقة خلال العقود الثلاثة الماضية كانت لديها خطط استراتيجية للحلول، فلماذا؟
الدواء مثلاً، كانت سورية تنتج أكثر من 90% من احتياجاتها في تسعينيات القرن الماضي وتصدّر الكثير من الأصناف عبر منظمة الصحة العالمية، ومهما كانت أسباب تراجع الصناعة الدوائية وارتفاع أسعار زمرها إلى حدّ أصبح الأمن الصحي للمواطن مهدداً، فإن السؤال: هل لدى الحكومة الخطط ـ وليس الوعود – الكفيلة بإعادة الصناعة الدوائية إلى أفضل مما كانت عليه في السابق؟
ومن السهل أن تعِد الحكومة باستقرار سعر الصرف وتحفيز النمو الاقتصادي، ولكن هذا لا يتم فقط عن طريق تشجيع المصارف على الإقراض المنتج، وإنما عن طريق خطط حكومية خمسية أو عشرية لزيادة الإنتاج الزراعي والصناعي.
ونعيد التأكيد أن الذي أدّى إلى تراجع القدرة الشرائية لملايين السوريين كان ميل الحكومات السابقة إلى زيادة المستوردات وإهمال القطاعات المنتجة!
ترى هل الحكومة الحالية في وارد تغيير نهج الاقتصاد الخدمي والريعي السائد؟
وفي مجال الإعلام أكدت الحكومة دعمه ومدّه بالمعلومات والوثائق والتصريحات والشفافية لتعزيز ثقة المواطن بالإعلام، وهذا ما أكدته الحكومات السابقة، بل إن تعاميم رؤساء الحكومات السابقين المتضمنة عدم حجب المعلومات عن الصحفيين لم تنفّذ على الإطلاق إلا في حالة تناول الوزير أو المدير مرحلة “أسلافه”.
ودائماً كان الوزير أو المدير يعمّم “شفوياً” على مرؤوسيه بعدم الإدلاء بأي تصريح أو تقديم معلومة للصحفيين إلا من خلاله أو عبر المكتب الصحفي!
وليس جديداً أن تتعهّد الحكومة في بيانها بأنها ستعمل على إعادة توزيع الدخل لمصلحة أصحاب الدخول المحدودة، نظراً للتراجع الكبير في القدرة الشرائية، فالمشكلة كانت دائماً بسياسات الحكومات السابقة أنها تراعي مصالح جميع شرائح المجتمع باستثناء الشريحة الأكبر العاملة بأجر!
وإذا كانت هذه الشريحة تلقّت دعم الحكومات السابقة فعلياً لا ورقياً ووصل بها الحال إلى العجز عن تأمين أقل من الحد الأدنى لمستلزمات عيشها اليومي، فكيف كان مآلها لو لم تتلقّ أي دعم حكومي!
وحسناً فعل مجلس الشعب بتوجيه النقد اللاذع للبيان الحكومي فوصفه بأنه إنشائي وناقص، ولم يتطرّق إلى الأزمات الحالية، وبأنه متشابه مع البيانات الأخرى بنسبة 80%.
والسؤال: هل ستتمكن هذه الحكومة من تنفيذ وعودها خلال ما عجزت عنه حكومات عمّرت أحياناً أكثر من ثماني سنوات، كحكومة 2003 ـ 2011 التي نقلتنا من الاقتصاد الإنتاجي إلى الريعي والخدمي؟
علي عبود