هوس الولايات المتحدة ينقلب ضدها
ترجمة: عائدة أسعد
عن تشاينا ديلي
أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في منتدى المجلس الأطلسي عبر الإنترنت أن المدّ انقلب ضد الصين، ليس فقط في أوروبا ولكن أيضاً في جنوب شرق آسيا وأفريقيا، علماً أن الرئيس الصيني شي جين بينغ عقد اجتماعاً في اليوم السابق عبر الفيديو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورؤساء المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، أكدوا فيه مجدداً عزمهم على تعميق التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وفي اليوم نفسه الذي أدلى فيه بومبيو بتصريحه، أجرى رئيس مجلس الدولة لي كي تشيانغ مناقشات دافئة مع مئات من قادة الأعمال من جميع أنحاء العالم في حوار عبر الإنترنت للمنتدى الاقتصادي العالمي، أعربوا فيه عن اهتمامهم الشديد بمواصلة الاستفادة من إمكانات السوق الصينية.
وتظهر الإحصاءات، باستثناء انخفاض طفيف في تجارتها مع الولايات المتحدة لأسباب واضحة، أن حجم الصادرات والواردات الصينية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي واليابان وأفريقيا قد زاد بشكل مطرد على الرغم من الوباء العالمي.
إن الإدارة الأمريكية هي التي تليق بها الاتهامات التي وجّهها بومبيو لبكين، بما في ذلك التنمّر وانتهاكات حقوق الإنسان وسرقة الملكية الفكرية والاستيلاء على الهيمنة العالمية.
وبالنظر إلى حرب الرسوم الجمركية التي بدأتها الولايات المتحدة مع الصين، واعتبرتها منظمة التجارة العالمية غير قانونية، يمكن للمرء أن يعرف جيداً من تكون الدولة التي تستغل قوتها الاقتصادية للتنمّر.
إن التقليل المتعمّد من الإدارة الأمريكية لهول الوباء واستجابتها المتأخرة له -الأمر الذي اعترف به الرئيس الأمريكي أخيراً- يفضح مدى حماية حقوق الإنسان في البلاد، ناهيك عن طريقة تعامل واشنطن مع الاضطرابات الاجتماعية في البلاد.
وأظهرت التحركات ضد TikTok أن الولايات المتحدة مستعدة لإجبار الشركات على نقل ملكيتها الفكرية إلى الشركات الأمريكية، كما تظهر محاولة خنق هواوي الطريقة القاسية التي تستخدمها الإدارة الأمريكية للتمسّك بهيمنة الولايات المتحدة على التكنولوجيا.
وبالنظر إلى الطريقة التي مارست بها الولايات المتحدة سياسة قاسية عبر النظام العالمي القائم على القواعد، من الطبيعي أن نسأل عن القواعد التي أشار إليها بومبيو عندما ادّعى في خطابه الأخير أن السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية لضمان النظام القائم على القواعد هي القوة المهيمنة لهذا القرن.
وبالنسبة لهذه الإدارة الأمريكية، من الواضح أن القواعد لا يمكن أن تكون قواعد لتعزيز العدالة، بل شروط تمليها الولايات المتحدة، ويتجلّى ذلك في كلامها السيئ للأمم المتحدة وشلّ منظمة التجارة العالمية وتخليها عن الاتفاق النووي الإيراني واتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ.
في الواقع تستخدم الولايات المتحدة احتواءها للصين كتحذير للآخرين حول عواقب عدم الرضوخ لأحكامها، وكون الولايات المتحدة و”إسرائيل” هما الدولتان الوحيدتان اللتان عارضتا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى التضامن الدولي لمحاربة فيروس كورونا، والذي تمّت الموافقة عليه بأغلبية 169 صوتاً مقابل صوتين، فإن هذا يكشف بوضوح عن الدولة التي اتخذت المبادرة لعزل نفسها عن المجتمع الدولي.
لم تنظر الصين أبداً إلى الولايات المتحدة على أنها أمة متدهورة، كما زعم كبير الدبلوماسيين الأمريكيين، وواشنطن نفسها هي التي تخشى تراجع الولايات المتحدة والتي تتسبّب في مساعيها لتهدئة تلك المخاوف بفقدان هيبة الولايات المتحدة.