توقّع تباطؤ الاقتصادات الصاعدة والنامية
يشهد الاقتصاد العالمي أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المُستجدّ التي تسبّبت بضرر بالغ لمستويات النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء، وهبطت بمستويات ثقة المستهلكين والمستثمرين ومستويات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتجارة وتدفقات رؤوس الأموال الدولية إلى أدنى مستوياتها، وهو ما يتوقع في ضوئه انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح بين 5 إلى 8% وفق تقديرات المنظمات الدولية وخسارة الاقتصاد العالمي لما يتراوح بين 8 إلى 12 تريليون دولار خلال عامي 2020 و2021.
إزاء هذه الأزمة هبّت المؤسسات الدولية وخاصة مؤسسات دول مجموعة العشرين لتبني حزم إنقاذ واسعة النطاق للحيلولة دون وقوع الاقتصاد العالمي في دوامة الركود الاقتصادي، وتم تبنّي سياسات نقدية ومالية توسعية غير مسبوقة في إطار حزم تحفيزية قدّرت قيمتها بنحو 14 تريليون دولار ساهمت في التخفيف من التبعات السلبية الناتجة عن انتشار الجائحة على كل من الأفراد والشركات وسعت إلى تمهيد الطريق للتعافي الاقتصادي. ساعد على ذلك اتجاه العديد من الدول إلى تخفيف القيود على ممارسة الأنشطة في القطاعات المختلفة وإعادة فتح اقتصاداتها بشكل تدريجي. في ظل ذلك لا تزال المخاوف المرتبطة بالجائحة تخيّم بظلالها على الاقتصاد العالمي، وتُضعف من مسارات التعافي المرتقبة ولاسيما في ظل احتمالات أن يشهد العالم موجة ثانيةً أو ثالثةً من الركود الاقتصادي.
كما لا يزال الاقتصاد العالمي أسيراً لعدد من مثبّطات النمو ومن أهمها استمرار التوترات التجارية، والاضطرابات في سلاسل الإمداد الدولية، وتراجع مسارات التقدم المُحقق على صعيد التنمية البشرية، والانخفاض التاريخي في معدلات الإنتاجية. وتستلزم مواجهة هذه التحديات جهوداً غير مسبوقة على صعيد السياسات، وتكاتفاً دولياً للوصول إلى تفاهمات داعمة لمسارات التعافي الاقتصادي والدفع باتجاه تسهيل عملية التحوّل الاقتصادي للتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة وشمولية للنمو الاقتصادي. في ظل هذه التطورات، تواجه الاقتصادات العربية تحدّيات متعددة الأبعاد سوف تؤدّي إلى انخفاض كل من مستويات النشاط في القطاعين النفطي وغير النفطي. بناءً عليه، من المتوقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية بنسبة تقارب 0.4% في عام 2020. في المقابل، من المتوقع تعافٍ تدريجي في عام 2021، مع تسجيل الاقتصادات العربية نمواً بحدود 2.6%.
من المتوقع أن يكون وقع الأزمة أشدّ على الاقتصادات العربية المُصدّرة للنفط التي من المتوقع أن تسجّل انكماشاً بحدود 4.7 في المائة خلال عام 2020، في حين من المتوقع انكماش أقل للاقتصادات العربية الأكثر تنوّعاً التي من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بها بنسبة 2% العام الجاري.
(وكالات)