الملك عار..!!
سمر سامي السمارة
لطالما بذلت وسائل الدعاية الحكومية الأمريكية قصارى جهدها للترويج للولايات المتحدة على أنها الأغنى في العالم، وأنها تتمتّع بصناعة واقتصاد متقدمين وقوات مسلحة مجهزة تجهيزاً كبيراً. ومع ذلك، تحبط هذه الفكرة المزيد من الأمريكيين يومياً، ويدركون، أن “الملك عار”!.
على الرغم من أن الولايات المتحدة جمعت ثروة هائلة، إلا أن معظمها يتركّز لدى عدد قليل جداً من العائلات، فمن ضمن 234 مليون أمريكي، تتمتّع 400 عائلة تقريباً بثراء فاحش. وتشير الإحصاءات الفيدرالية إلى أن 1٪ من السكان يمتلكون 40٪ من ثروة البلاد، في حين يعيش أكثر من 35 مليون شخص على دخل منخفض، ويلقى سنوياً 11 ألف طفل حتفهم من سوء التغذية، كما أن نسبة كبيرة من السكان لا يتمتّعون بتأمين صحي.
كتب موقع “سلت”: “بحلول نهاية عام 2020، قد يواجه 54 مليون شخص في الولايات المتحدة وقتاً عصيباً في تأمين طعامهم”، لكن الجوع ليس الآفة الخطيرة الوحيدة التي تواجه الولايات المتحدة، حيث تضاف العمالة والإسكان وعدم المساواة والرعاية الصحية أيضاً إلى مجموعة المشكلات الحالية للمجتمع الأمريكي.
وفي وقت لا يزال فيه معدل البطالة مرتفعاً للغاية، إذ يصل إلى8.4٪ وفقاً لآخر تقرير صادر عن مكتب الإحصاءات التابع لوزارة العمل، تتعرّض عشرات الملايين من الأسر لخطر الإخلاء بعد أن فقد أكثر من 5 ملايين شخص تأمينهم الصحي، لتواجه بذلك البلاد الآن أسوأ أزمة منذ حوالي قرن.
تجلّت الأزمة الأمريكية بشكل واضح في حصيلة معدل الوفيات بسبب جائحة كورونا والتي تقدّر بـ 200 ألف حالة وفاة، وهو نصف عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي يصعب تقبله لدولة تحاول أن تصدّر نفسها إلى العالم على أنها الأكثر تقدماً وتطوراً على كافة الأصعدة.
وبدلاً من معالجة المشكلات الداخلية، التي تتضمن إيجاد حلّ لجائحة كورونا، تسخّر النخبة الحالية في واشنطن ووسائل إعلامها كل طاقاتها لتشويه النجاحات التي حقّقتها روسيا والصين، التي أوجدت لقاحاً لفيروس كوفيد-19. بينما تستمر الجائحة بحصد المزيد من أرواح الأمريكيين، ولهذا السبب لم تعد طمأنة واشنطن بشأن مزاعمها حول “اللقاح الأمريكي” محلّ ثقة، ليس فقط من قبل المرشحة الديمقراطية لنائب الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، التي تحثّ على توخي الحذر، ولكن أيضاً للعديد من الخبراء الأمريكيين. نتيجة لذلك، اتصلت بعض الشركات المصنّعة للأدوية الأمريكية بالفعل بموسكو مقترحة إنشاء شراكة لإنتاج لقاح لكوفيد-19.
بشكل عام، أصبحت محاولات واشنطن الإدلاء بتصريحات عالية النبرة -لحفظ ماء الوجه- بعد خسائرها الواضحة، أمراً شائعاً، لكن ذلك لا يعني تحقيق أي نجاح وخاصة في الآونة الأخيرة، إذ سارعت آلة الدعاية في واشنطن إلى اتهام موسكو بالتجسّس لسرقة الأسرار الأمريكية للأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، على الرغم من حقيقة أن روسيا أحرزت تقدماً يمكن إثباته منذ فترة طويلة، في حين أن الولايات المتحدة لم تبدأ في الإنتاج بعد.
وهنا مثال آخر، هو تصريح الرئيس الأمريكيK الذي نشره البيت الأبيض مؤخراً، أنه بعد أن أنفقت 2.5 تريليون دولار على القوات المسلحة خلال السنوات الثلاث الماضية، أصبحت الولايات المتحدة الآن تمتلك “أنظمة [أسلحة] لا أحد يعرف بها”. جازفت مجلة “بوبيلر ميكانيك” الأمريكية بتوضيح ما قصده ترامب عندما تحدث عن “سلاح جديد”، لا تعرفه لا روسيا ولا الصين. وبحسب المجلة، من المحتمل أن يكون هذا رأساً صاروخياً من طراز W76-2 منخفض القوة. ومع ذلك، فإن هذا السلاح ليس جديداً بأي حال من الأحوال، حيث ذكرت التقارير في عام 2018 أن البحرية الأمريكية بدأت العمل على إنشاء سلاح نووي منخفض القوة W76-2 عن طريق إزالة الوقود النووي الحراري. ونتيجة لذلك، ستبقى فقط محفزات البلوتونيوم، وسوف ينخفض إنتاج الطاقة للسلاح الجديد من 100 إلى 5-6 كيلو طن في مادة الـ تي إن تي.
في الواقع، لا يمكننا أن نستبعد إنفاق البنتاغون 2.5 تريليون دولار في السنوات الثلاث الماضية -وهو ما أشار إليه ترامب- لبناء مقلاع من الدرجة الأولى لاصطياد الطيور، وصواريخ كروز الروسية والصينية أيضاً. وقد تمّت الإشارة إلى مثل هذه الأسلحة من قبل شركة “بركنج ديفنس” عندما كانت القوات الجوية الأمريكية تجري تدريبات في 3 أيلول في نيو مكسيكو. وقد أشير على وجه الخصوص إلى أن سلاح الجو الأمريكي، الذي يحاكي مرة أخرى صراعاً عسكرياً مع روسيا، أظهر مدفع هاوتزر عيار 155 ملم، الذي يقلد صاروخ كروز الروسي الصنع. إنه حقاً اصطياد الطيور بمدفع يكلف 2.5 تريليون دولار!!.