العادة حين تحكُم وتتحكّم!
أكرم شريم
من المعروف أن الإنسان يمارس في حياته عادات كثيرة لها أول وليس لها آخر، ولكن النسبة العظمى من هذه العادات تكون طبيعية وضرورية ومهمّة له وربما لغيره أيضاً، مثل أفراد أسرته أو زملاء عمله أو في علاقاته الاجتماعية الأخرى. لكن توجد عادات ليست حميدة، بل إن منها ما يكون سيئاً وربما مرفوضاً من المجتمع كلياً وربما لا أخلاقياً، ونذكر من العادات التي ليست حميدة: التدخين وشرب الخمر، والتقصير في الخدمات لأفراد الأسرة وزبائن عمله وإلى آخر هذه القائمة، أما العادات السيئة والمرفوضة من المجتمع كلياً وربما لا أخلاقية أيضاً، فإننا نعتذر عن ذكرها لأنها معروفة بشكل عام، ولأنه لا يعقل أن نذكرها في هذا المقام، لأنها كثيرة أيضاً ولا يليق على الإطلاق ذكرها، ولكنه الإنسان العظيم الذي خلقه الله وأعطاه كل هذه القدرات من العقل إلى الحواس الخمس إلى عمل كل عضو من أعضاء جسمه إلى حريته ورغباته وتحقيق كل ما يحلم به أو يستطيع تحقيقه مما يريد من الأعمال والمنجزات لمصلحته ولتحقيق طموحه، ونحن طبعاً حين نقول: الإنسان، فإننا نقصد الرجل والمرأة، والمسنين منهم، والشباب والفتيات والأطفال أيضاً، بدءاً من رياض الأطفال وإلى مراحل الدراسة الأخرى وحتى الأطفال ما دون الثالثة من العمر قد تظهر لديهم عادات وتقوم الأم بتقويم هذه العادات، كأن تحبها أو تشجّع عليها وتمدح طفلها الصغير أو طفلتها الصغيرة، أو تنهى عنها وتتابع وتراقب!. وكل ما تفعله الأم من هذا التوجيه في حياة الأطفال الصغار إنما هو (التربية المنزلية) الأولى، والتي غالباً ما يتأسّس عليها الإنسان ويعمل بها طوال حياته وهو لا يعرف أنها من توجيهات أمه أثناء طفولته، هذه الأم العزيزة، منطلق الخير في هذا العالم.
وطالما عرفنا ذلك فيجب أن نعلم أن هذه العادة يمكن أن تحكم وتتحكّم!. أي أنها من الممكن أن تصبح هي التي تحكم الإنسان وتقوده كما تريد، وتتحكّم به طوال حياته. وهذا يمكن أن يحدث سواء في العادة غير الحميدة أو العادة السيئة كما ذكرنا سابقاً!. وهذا ما نريد أن نؤكد عليه، وكلياً هنا، وهو أن على الإنسان أن يكون حذراً من أن تحكمه عادة وبالتالي تتحكّم به طوال حياته، سواء كانت حسنة أو سيئة، أو عادة لا هي بالحسنة ولا بالسيئة!. ومن الأفضل أن يبدأ هذا بالتوجيه قبل أن يصبح التوجيه متأخراً وغير قادر على المنع والابتعاد والاقتناع.
لنأخذ مثلاً التدخين: يمكن التدخين في الطريق أو في البلكون ولكن ليس داخل المنزل، أو في غرفة النوم لأن ذلك يضرّ بصحة الزوجة وخاصة حين تكون حاملاً ويضرّ بصحة الأطفال ويشكل لديهم عادة، فهذا والدهم يدخن، إذن فإنهم ومن المؤكد سيدخنون في المستقبل!. ولنأخذ مثلاً من العادات السيئة وهي لعب القمار، معاذ الله!، فكم سيبقى معه حين يخسر كل شيء وبشكل دائم في لعب القمار وما يشجعه على ذلك، تحكم العادة وأنه أحياناً يربح!. فانظروا هذا الرجل الذي اضطر بعد أن أفلس أن يلعب على ثمن بيته وقد أحضر معه عقد البيع، ولعب وخسر منزله وهرب من البيت وصار أصحاب البيت الجدد يطالبون الزوجة بأن تخرج من المنزل هي وأولادها، وهي لم يعد لديها ما تأكل به وتطعم أولادها وزوجها هارب، وهذه حادثة حصلت ومعروفة. وهكذا تكون النصيحة اليوم احذر من أن تحكمك عادة وتتحكّم بك حتى لو كانت حسنة، مثل الكرم مثلاً، لأنك قد تفلس، فأنت الذي يجب أن تتحكّم بكل شيء في حياتك وبكل العادات دائماً وأبداً وباستمرار.