رغم التحذير من انتشاره العشوائي.. المزارعون يتجهون لزراعة الأزولا كعلف للحيوانات
ارتفاع أسعار الأعلاف وما ألحقه من ضرر بالثروة الحيوانية، جعل فكرة زراعة الأزولا تنتشر بسرعة في السويداء كبديل علفي وسط آمال بعودة الحياة لمشاريع الثروة الحيوانية التي انخفضت بنسبة كبيرة خلال سنوات الحرب، خاصة وأن فرص الزراعة تناسب المدينة والريف ولا تكاليف مرهقة فيها.
بالمقابل وزارة الزراعة تحذّر من انتشار بعض النباتات المستوردة، ومنها السرخسيات التي تنتمي إليها الأزولا في ظلّ عدم وجود دراسات وأبحاث تثبت مدى صداقتها للبيئة، وبين الآمال والتحذيرات يتخبّط المزارعون الباحثون عن حلّ لمشكلة تدهور ثروتهم الحيوانية!.
زراعتها ممنوعة؟
احذروا أعداء البيئة وهذه النباتات ممنوع نشرها وزراعتها.. تحت هذا العنوان نشرت وزارة الزراعة تصريحاً للوزير المهندس محمد حسان قطنا أنه ولأهداف تجارية يتمّ الترويج لزراعة مجموعة من النباتات كالباولونيا والنيم وبعض المحاصيل العلفية والسرخسيات التي دخلت القطر ممن لايعرفون أضرارها على البيئة. وأكد وزير الزراعة أن هذه النباتات ممنوع نشرها وزراعتها وفقاً لقرار الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، علماً أن النباتات الأصيلة الموجودة في بيئتنا هي الأفضل والأكثر كفاءة. وقال: نطلب من جميع المواطنين عدم زراعة هذه الأشجار وعدم الانجرار إلى نشر أو زراعة أو الترويج لزراعة أي نبات إلا بعد اعتماده من البحوث العلمية الزراعية باعتبارها الجهة العلمية المختصة بذلك، مضيفاً: كونوا عوناً لنا في حماية بلدنا من النباتات الغازية التي سيكلفنا نشرها الكثير من الوقت والمال لمكافحتها.
وبيّن الوزير أنه سبق وأن أدخل أحد المواطنين نبتة الباذنجان البري التي تعتبر نبات زينة على الشرفات في أحد بلدان العالم، وبعد دخولها بزمن انتشرت في منطقة حوض الفرات وباتت تنافس زراعة المحاصيل الصيفية من القطن والذرة والخضار، وأصبحت من النباتات الضارة الغازية، وتدفع وزارة الزراعة سنوياً مئات الملايين لقلع وإتلاف هذا النبات الضار!.
علف مجاني
الأزولا نبات سرخسي يعيش طافياً على سطح الماء ويحتوي نسبة عالية من البروتين تصل إلى 25- 44% ويستخدم علفاً للدجاج البياض والتسمين والأرانب والمواشي والأسماك والأغنام وخاصة البط، ويستبدل بـ50% من العلف المركز، كما أنه يعمل على زيادة إنتاج الألبان بنسبة 20%. يُزرع مرة واحدة بالعمر ويعطي إنتاجاً مدى الحياة، ويتكاثر بطريقة تُعرف علمياً بالتجرثم والعائل على كائن آخر هو البكتيريا، ولا يحتاج أي تكاليف سوى إنشاء المزرعة فقط، لذا يعتبر علفاً مجانياً وينتج الفدان الواحد 30 طناً شهرياً من الأزولا، ويمكن زراعته فوق أسطح المنازل في أوعية البولي ايثلين واستخدام العلف الناتج لتغذية المواشي والطيور.
هذه الميزات شجعت ثائر غانم من قرية العفينة بالسويداء على زراعة هذا النبات السرخسي الأخضر الذي يقطف لمرة واحدة من أحواض خاصة زرعها لتكون غذاء لدواجن يربيها لتكفي أسرته وتعود عليه بدخل جيد، ماكان بإمكانه الحصول عليه في ظل ارتفاع أسعار العلف.
غانم تعلّمَ من الذين سبقوه في هذه التجربة وصنعَ أحواضه الخاصة بمساحة 70 متراً، ونشر على صفحته الخاصة صور الأحواض ليشجع المربين على التجربة التي يمكن أن توفر 75 بالمئة من أعلاف الدواجن و50 بالمئة من أعلاف الأبقار والمواشي.
يقول غانم: بحثت طويلاً عن الأزولا عبر اليوتيوب، وفي النهاية علمت مصادفة أن شخصاً زرعها في سورية، وتواصلت مع صاحب المنشور بالساحل السوري الذي زودني بالمعلومات المطلوبة، والبادئات، وأسّست الحوض الأول بمساحة 12 متراً وكانت تجربة ناجحة طورتها للحصول على ما يكفي أكثر من 40 طيراً.
النبتة التي يتمّ جمعها بسهولة غنية بالفيتامينات والعناصر المغذية وقابلة للتخزين في حال جُفّفت -حسب غانم- كونها تقدم للدواجن خضراء، لكن للمواشي لابد من التجفيف ثلاثة أيام أو أكثر، كما يخبر المربين الذين يتواصلون معه لتعلّم أصول زراعتها وطرق التغذية، حيث يكفي للمربي الذي لديه سبعة رؤوس ماعز تقريباً زراعة حوض مساحته بين ٣٠ و٤٠ متراً مربعاً وهذا ما يخفض التكلفة للنصف.
محاصيل آمنة
وإذا كان مدير فرع الأعلاف في السويداء وائل الشوفي شجّع على انتشار أي فكرة تشكّل بديلاً علفياً رديفاً للمربي يدعم الثروة الحيوانية، إلا أن مدير مركز بحوث السويداء الدكتور وسيم محسن حذّر من الانتشار العشوائي للفكرة، وقال: لايوجد حتى اليوم تجارب علمية قائمة، وبالتالي لاشك أن لهذا النبات سلبيات وإيجابيات، ولكن لابد من الاستثمار فيه على أسس علمية موضوعية بعيداً عن العشوائية غير المدروسة، خاصة وأنه يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه. وأعرب محسن عن استغرابه من توجّه المربين لزراعة هذه النبتة وابتعادهم عن المحاصيل العلفية الآمنة التي تغني الخلطة العلفية كفول الصويا رغم توفر كافة مقومات نجاحها في المحافظة.
تدخل فوري
وبعيداً عن نجاح هذه النبتة ومدى صداقتها للبيئة أم لا، إلا أن تمسك المزارعين بزراعتها وما شكله من أمل لهم في الحفاظ على ثروتهم الحيوانية يدلّ على حجم الخسائر الكبيرة التي يعانون منها، والتي تتطلّب تدخلاً فورياً من قبل وزارة الزراعة لدعم الأعلاف بكميات مضاعفة عن المقنن العلفي الذي يقدّم حالياً، وتشجيع زراعة البدائل العلفية الآمنة والموصى بها من قبل الوزارة وتقديم التسهيلات والحوافز الكفيلة بانتشارها، وعدم ترك المربين وثروتهم الحيوانية عرضة لأوهام تحملها نباتات مستوردة من هنا وهناك، وبالمقابل لابد من الإسراع في إنجاز البحوث اللازمة حول الأزولا واتخاذ القرار المناسب وإنهاء الجدل، إما بالسماح في انتشارها أو منعها.
رفعت الديك