أخبارصحيفة البعث

المنظمات الفلسطينية تغيب عن محاضرة تمسّ القضية المركزية!

دمشق- ريناس إبراهيم:

في محاضرة تقدّمت أهمية جوّها العام على موضوعها، بات مشهد غياب ممثلي المنظمات الفلسطينية شبه مألوف، رغم أن الموضوعات فلسطينية بامتياز! تلك المفارقة أثارت حفيظة مدير مؤسسة القدس الدولية-سورية “راعية المحاضرة” الدكتور خلف المفتاح ودفعته ليعبّر عن أسفه ويتساءل: “أين المنظمات الفلسطينية؟!”، مضيفاً: “من واجب ممثلي المنظمات أن يحضروا ويشاركوا في الحوار والنقاش وليس ذلك تفضلاً ولا فرضاً، فوسائل الإعلام تقوم بدورها في نقل جميع الآراء وبالتالي تشكيل موقف عام”، كما أجرى مفارقة بسيطة بين مكانة الثقافة عندنا إذ تأتي في نهاية اهتماماتنا، بينما نحن نواجه عدواً يركز على الجانب الثقافي والتوعوي، وهذا هو قوام التطبيع.

وفي يوم القدس الثقافي، قدّم الكاتب السياسي الفلسطيني وعضو اتحاد الكتّاب العرب الباحث علي بدوان محاضرة بعنوان “المجتمع الإسرائيلي” بين التعددية والتناقض، أدارها الدكتور يوسف أسعد، عضو مجلس إدارة المؤسسة.

وأشار بدوان إلى التناقضات والخلافات التي يحملها “المجتمع الإسرائيلي”، وهو ليس مجتمعاً بقدر ما هو مجرد تجمّع ليهود العالم، مؤكداً أن علامات الاستفهام منذ وجود الكيان الصهيوني أثيرت حول ما يجمع اليهود في الكيان الصهيوني، وهم يتحدّرون من أعراق وجنسيات مختلفة تماماً، ما سبّب انقساماً فيما يسمى “المجتمع الإسرائيلي”، على سبيل المثال، اليهود المتحدّرون من دول الاتحاد السوفيتي لديهم إذاعة وصحف خاصة بهم تنطق بالروسية وطقوس محددة تختلف عن غيرهم، وكذلك جماعة أخرى تنطق باللغة “اليديشية” وهي مختلفة عن العبرية، وتابع: “أيضاً هناك جماعات يهود “الفلاشا” الذين قدموا إلى أراضي فلسطين عام 1985 وأسكنوا في خيام ولم يروا العسل واللبن الذي طالما وُعِدوا به، ولذلك نجدهم يتكتلون في أحياء خاصة بهم ويتّبعون طقوساً خاصة”، مؤكداً أن كل تلك العوامل أحدثت شرخاً في بنية المجتمع وأضعفته، لكن وسائل إعلام العدو تحاول التغاضي عن هذا الضعف وتجاهله.

بالمقابل، أشار بدوان إلى أنه لو كان هناك موقف عربي جمعي متماسك بالحدّ الأدنى لكانت انكفأت شهوة الاحتلال الإسرائيلي تجاه الاستيطان والتوسع، لكن العادة جرت على أن كل شيء يقدم لكيان الاحتلال على طبق من ذهب ببساطة، وقارن بين الوجود الفلسطيني والإسرائيلي في الأراضي المحتلة، فرغم أن أعداد السكان متقاربة (حوالي 6.5 مليون نسمة) إلا أن الزيادة السكانية العربية ستكون أعلى لأنها طبيعية، فمتوسط عدد أفراد العائلة الفلسطينية هو 7 أفراد، بينما اليهودية فردان، وبالمجمل، تشهد أعداد اليهود في العالم تراجعاً، فبينما كان 15 مليون سنة 1970، فإنه لا يتجاوز 9 مليون الآن.

وبحسب تعبير بدوان، فإنّ أبرز الأسباب التي تحتم مصير كيان الاحتلال بالزوال أن 70% من يهود “إسرائيل” يحملون هويات مزدوجة، إضافةً إلى أن فئة الشباب لديهم لم تعد تهتم لفكرة “إسرائيل”.

د. المفتاح أوضح أن التعدد في “المجتمع الإسرائيلي” غير متناغم، فلا يعكس وجود أكثر من 18 حزباً مشهد تعدد سياسي وإنما تعدد ثقافي وعرقي أنتج بنية سياسية تشبهه، وما يجمعهم فقط حول الحلم اليهودي الذي “يدغدغ مشاعرهم”، وشدّد  على أن المعركة مع الاحتلال ثقافية، فما يحاول كيان الاحتلال ترويجه أن لليهود أحقّية تاريخية في أرض فلسطين، وما علينا فعله هو عدم الاعتراف بهذا الكيان ومواجهته على كل منابر الثقافة والفكر، واستغلال حالة القلق والضعف التي يولّدها انقسام “المجتمع الإسرائيلي”.

في المداخلات، قدم الحضور “قليل العدد” شواهد تثبت أن “المجتمع الإسرائيلي” متفجّر من الداخل ديموغرافياً، موجهين رسالة إلى المطبّعين مع كيان العدو مفادها: “من يعتقد أن التطبيع سيقوّيه فهو مخطئ، وسيكون ذلك نقمة عليه، لأن الشعوب ستقول كلمتها في النهاية”.