إلى متى الاستهتار؟! سكن أطباء الدراسات العليا والخدمات الغائبة!!
يعاني سكن الدراسات العليا “طب بشري وأسنان وصيدلة” في الوحدتين 18 و19، اللتين تبعدان أمتاراً معدودة عن وزارة التعليم العالي وكلية الطب، من حالة يرثى لها.. سكنٌ غير صالح للاستعمال البشري..وضع مأساوي جداً، حيث تتألف كل وحدة من كتلتين، وكل كتلة تضم 7 طوابق، وكل طابق 20 غرفة (3 – 4 أشخاص في كل منها)، والطابق يحتوي على 4 دورات للمياه، و 4 حمامات، ومطبخ، بواقع سيء جداً: مياه آسنة من السقف، ولا أبواب، روائح كريهة وقاتلة. وقد اتخذ القرار بترميم الحمامات والمطابخ بشكل كامل خلال فترة معينة، ولكن ما حصل زاد الطين بلة، حيث أنه ومنذ ما يقارب الثلاثة أشهر بدأ الهدم الكامل للحمامات والمطابخ بإحدى كتلتي الوحدة، وما تزال الأنقاض والردميات على حالها ولم يتم نقلها، ما أحدث ضغطاً كبيراً جداً، حيث يستخدم ما يقارب 120 طبيباً موزعين على 40 غرفة في الكتلة غير المرممة، والتي تنتظر انتهاء ترميم الكتلة الأخرى، ما يضطرهم أي لا ستخدام 4 حمامات تحتاج للترميم أساساً، أضف إلى ذلك الانقطاع المتكرر للمياه، وما يتسبب به من مشاكل نفسية، ناهيك عن المشاكل المرضية، وسهولة انتقال العدوى في مثل هكذا جو موبوء، فمن المسؤول؟
وضع سيء
أحد الأطباء تحدث لنا عن معاناته وزملائه قائلاً : قبل الترميم كانت الوحدتان بوضعٍ سيء جداً، واليوم ومع بدء أعمال الترميم بات الوضع أسوأ.. لك أن تتخيلي عبء الجو الملوث الذي نعيش فيه، فقد مرَّ فصل الصيف كارثياً علينا، ولم نعد نعرف ممن سنخاف؟ من جو المشافي التي نعمل فيها، واحتمالات الإصابة بفيروس كورونا بسبب ازدياد أعداد المصابين بالفيروس وانتقال العدوى إلى الكثير من الأطباء، وهو ما حصل فعلاً، بسبب الاختلاط المتكرر مع المرضى؟ أم من الإصابة بمرضٍ ما بسبب قلة لا بل انعدام النظافة في السكن الذي يفترض أن يكون ملاذاً للراحة؟ حيث أصبحت العودة إليه بمثابة كابوس بالنسبة للكثيرين، فهل يقبل أحد المسؤولين في وزارة التعليم أو رئاسة الجامعة أن يقيم، ولو لليلةٍ واحدة، في مثل هكذا سكن يفتقر إلى أدنى مقومات العيش؟ مضيفاً: نحن لا قدرة لنا على تحمل عبء استئجار بيت، حتى ولو كان في أفقر أحياء العاصمة، ولا نعلم لماذا يتم التعامل معنا بهذا الكم من الاستهتار!!
شريكه في السكن، الذي وافقه على كل ما قاله، تحدث عن زيارة وزير التعليم العالي برفقة رئيس جامعة دمشق إلى المدينة الجامعية، أثناء الحجر الصحي، إضافةً إلى معاون الوزير للشؤون الإدارية والمالية للمدينة الجامعية للاطلاع على الواقع هناك والاطمئنان على صحة المواطنين، خاصةً بعد أن قام في وقتها أحد الفنانين بنشر “بوست” على الفيسبوك تحدث فيه عن واقع الحجر السيء في إحدى الوحدات، وتساءل: أليس من الأولى أن تكون مثل تلك الزيارات لنا كطلاب للاطلاع على وضعنا ومتابعة ما يلزم؟ متابعاً: في جلسة مجلس الشعب التي عقدت منذ أيام والتي ناقشت أداء وزارة التعليم العالي تحدث وزير التعليم عن وضع السكن الجامعي واعتبر أنه مقبول، ولكن كنا نتمنى على الوزير أن يخبرنا أي سكن جامعي كان يقصد في حديثه؟ فالجميع يعلم الوضع في المدن الجامعية!
لا صلاحية له
الأستاذ مضر العجي، مدير المدينة الجامعية في دمشق، تحدث عن المسؤولية الجماعية قائلاً: تنتهي مسؤوليتي عندما أقوم بإبلاغ الجامعة عن خلل ما في المدينة الجامعية، لذلك لا تطلب من شخص أن يتحمل مسؤولية أمر لا يملك فيه صلاحية.. أنا هنا طبعاً لا أتنصل من مسؤولياتي، فوجود أعداد كبيرة من الأبنية (25 بناءً)، وعدم توفر الإمكانيات المادية، ووجود إجراءات طويلة لتنفيذ الأعمال.. كل هذه أسباب مرهقة لإدارة المدينة الجامعية.. وبالعودة لموضوع الوحدتين 18 و19 فنحن نقدر العبء الكبير الذي يتحمله الطلاب هناك، ولكن ما حدث أننا اضطررنا إلى الترميم في قسم، ليتمكن الطلاب من استخدام القسم الآخر، ريثما ننتهي، حتى لا نضطر لإخلاء الوحدتين، وهنا تكمن الصعوبة والمعاناة عند قاطني الوحدتين، فإدارة المدينة تقدم مقترحاتها بناء على ما تلمسه على أرض الواقع إلى الشؤون الهندسية في الجامعة، حيث تنظم هناك الأمور بوجود ممثل عن إدارة المدينة الجامعية، وبناءً عليه تم توجيه إنذارين للمتعهد المسؤول عن الترميم في الوحدتين المذكورتين، ولقد رفعت أكثر من مذكرة خلال متابعتي للموضوع عن بطء العمل والتأخير في التنفيذ.. هنا شدد العجي على ضرورة أن تكون للمدن الجامعية استقلاليتها، مضيفاً أنه ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر اتخذ مجلس التعليم العالي قراراً بتحويل إدارة المدن الجامعية إلى هيئات مستقلة إدارياً ومالياً، حيث أرسل مشروع بهذا الخصوص، متسائلاً: هل هناك عدم متابعة، أو عدم رغبة لتنفيذ هذا المشروع؟
تباطؤ وتقصير
المهندسة نادية الأحمد، رئيسة شعبة الإشراف، أوضحت أن مدة العقد 120 يوماً في الوحدتين المذكورتين، وأن أعمال الترميم بدأت في 18/ 6/ 2020، ولغاية تاريخه تحتاج لشهرين كأقصى حد للانتهاء من قسم واحد فقط.. هذا طبعاً إذا لم تحدث مفاجآت أثناء العمل، مضيفةً أننا ولكي لا نقوم بإخلاء الوحدتين لم نتمكن من أن نلتزم ونسلم المتعهد موقع عمل كاملاً، واضطررنا إلى تسليم عمود واحد في كل وحدة، بحيث تبقى الأخرى لسكن الطلاب. ولا بد من الإشارة إلى وجود عوائق كثيرة تقف حاجزاً لاستكمال العمل في المدة التي من المفترض أن ينتهي بها العمل، فالمتعهد لا يمكنه بأن يضع الردميات في أي مكان، أو أن يقوم ببعض الأعمال المتعلقة بالبناء أينما أراد، فهناك عوائق لوجستية على أرض الواقع بطبيعة الحال، وهذا كله يحدث تأخيراً، حيث يقوم بالعمل في عمود من كل وحدة (18 و19 بالتوازي)، وسيتم الانتقال إلى ما تبقى فور انتهائه. وهنا تضيف الأحمد أن هناك تعاطفاً كبيراً مع الطلاب، وأنهم حريصون على إنهاء العمل بكل ما أتيح من وسائل، علماً أنه تم توجيه تنبيهين للمتعهد، فيما أكد الأستاذ جابر قيسانية مدير الشؤون الهندسية في جامعة دمشق أن هناك صعوبات كثيرة أدت إلى هذا التأخير، منها فرق سعر الصرف الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكلٍ كبير، إضافةً إلى الأمور التنظيمية وغيرها من الأمور ، حيث تم تقديم العرض المالي في 2019، وتم أخذ المباشرة على العقد في 25/ 2/ 2020، وريثما تم حل بعض الإشكالات المتعلقة في العقود، بدأت فترة الحجر الصحي.. كل هذا كان عائقاً للبدء بالعمل الذي انطلق في 18/ 6.
مغادرة السكن
في نهاية الأمر، الخاسر الأكبر هم قاطنو الوحدتين لما يتعرضون له من ضغوط، حيث بدأ عددٌ منهم بالتفكير جدياً بمعارة السكن والبحث عن سكن بديل في مكانٍ ما رغم صعوبة الظروف الاقتصادية.
لينا عدرة