نـبـض رياضـي .. الـرعـايـة الـمـفـقـودة
“البعث الأسبوعية” ــ مؤيد البش
مع كون إشراقات رياضتنا على الصعيد العالمي تكاد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أن القيادات الرياضية المتعاقبة لم تستطع حتى الآن تشخيص الأسباب ووضع الحلول، مع الإشارة إلى أنها حاولت أن تبتكر حلولاً نظرية لم تلامس الواقع، ولم تقترب منه، لتكون النتائج على عكس المتوقع، فلم تجلب لنا هذه الأفكار إلا الابتعاد أكثر فأكثر عن ركب الرياضة العالمية.
فمن ميدالية جوزيف عطية الفضية في المصارعة، في أولمبياد 1984، مروراً بإنجازات غادة شعاع وميداليتها الذهبية الأولمبية عام 1996 في أتلانتا، وبرونزية الملاكمة في أولمبياد أثينا، وانتهاء بميداليات مجد غزال العالمية في الوثب العالي.. محطات مشرقة لا يمكن إنكار أهميتها، لكنها تبقى مجرد طفرات لم تأت نتيجة تخطيط علمي، بل اعتمدت في الأساس على مواهب أصحابها وإرادتهم لجهة تحقيق الإنجاز، وهذا الأمر بحد ذاته يحتاج لوقفة مطولة كون الرياضة في هذه الأيام باتت مختلفة شكلاً ومضموناً، وبات إحداث خرق في الألقاب والميداليات أمراً بالغ الصعوبة، فما كان ينفع في الثمانينيات والتسعينيات لم يعد يصلح..!
وإذا كانت الرياضة قد باتت صناعة تحتاج لعوامل أولية لبلوغ قممها، فإننا لم نعرف حتى اللحظة كيف نوفر هذه العوامل لأبطالنا المعدودين، والحديث هنا عن أهم رياضي سوري في الوقت الحالي، وهو مجد الدين غزال الذي يفترض أن يكون محور اهتمام القائمين على رياضتنا، حيث يواصل الغزال هذه الأيام تحضيره لأولمبياد طوكيو – الذي سيقام الصيف المقبل – بلا مدرب، بعد اعتذار المدرب الوطني عماد السراج عن إكمال مهمته التي بدأها قبل سنوات، ونجح مع الغزال في تشكيل ثنائي مميز أوصل الغزال للعالمية.
وعند البحث في أسباب بقاء الغزال دون مدرب، نجد أن مدربه الأساسي قد ابتعد نتيجة عدم توفر الظروف المواتية للعمل، بعد أن تفنن اتحاد ألعاب القوى في وضع العراقيل في وجه عمل المدرب، وأبعد معه الكثير من الخبرات، فضلاً عن محاولة تقزيم أي إنجاز للغزال، ووجود رغبة في تقاسم أي مكافأة يحصدها من مشاركاته، في مسلسل غير مفهوم المغزى من اتحاد يفترض أن يفتخر بوجود هكذا لاعب تحت إشرافه.
اتحاد اللعبة، وإن كان قد أخطأ في حق الغزال، فإن المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي لم يكن أحسن حالاً، بل حاول ملامسة القضية بشكل سطحي، عبر منح الغزال حرية التعاقد مع أي مدرب، وبالتالي عالج النتائج دون أن يعالج السبب الرئيسي في المشكلة؛ فمن المتعارف عليه رياضياً أن الحفاظ على النجاح أصعب من الوصول إليه، وبناء على ذلك نجد أن القائمين على رياضتنا لم يدركوا معنى رعاية البطل الذي يشكل بارقة الأمل الوحيدة للتتويج في الأولمبياد المقبل.
ختاماً.. لابد من الإشارة إلى أن الحصول على بطل رياضي عالمي لا يمكن أن يحصل بمحض الصدفة، أو أن يتحقق إلا بشروط معينة، وبالتالي فإن توفير المقومات الضرورية من دعم مادي ومعنوي هو المطلوب لتسير رياضتنا على سكة النجاح، وهذا لن يتحقق إلا عبر الابتعاد عن المصالح الضيقة والصراعات الشخصية التي أنهكت جسد رياضتنا.